قال اليونينى: وفي يوم الأربعاء ثالث عشر صفر ذكر الدرس بالظاهرية وحضر نائب السلطنة أيدمر الظاهري وكان درسا حافلا حضره القضاة، وكان مدرس الشافعية الشيخ رشيد الدين محمود ابن الفارقيّ، ومدرس الحنفية الشيخ صدر الدين سليمان الحنفي، ولم يكن بناء المدرسة كمل. وفي جمادى الاولى باشر قضاء الحنفية صدر الدين سليمان المذكور عوضا عن مجد الدين ابن العديم، بحكم وفاته، ثم توفى صدر الدين سليمان المذكور في رمضان وتولى بعده القضاء حسام الدين أبو الفضائل الحسن بن أنوشروان الرازيّ الحنفي، الّذي كان قاضيا بملطية قبل ذلك. وفي العشر الأول من ذي القعدة فتحت المدرسة النجيبية وحضر تدريسها ابن خلكان بنفسه، ثم نزل عنها لولده كمال الدين موسى، وفتحت الخانقاه النجيبية، وقد كانتا وأوقافهما تحت الحيطة إلى الآن.
وفي يوم الثلاثاء خامس ذي الحجة دخل السلطان السعيد إلى دمشق وقد زينت له وعملت له قباب ظاهرة وخرج أهل البلد لتلقيه وفرحوا به فرحا عظيما لمحبتهم والده، وصلى عيد النحر بالميدان، وعمل العيد بالقلعة المنصورة، واستوزر بدمشق الصاحب فتح الدين عبد الله بن القيسراني، وبالديار المصرية بعد موت بهاء الدين بن الحنا الصاحب برهان الدين بن الحضر بن الحسن السنجاري، وفي العشر الأخير من ذي الحجة جهز السلطان العساكر إلى بلاد سيس صحبة الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي، وأقام السلطان بدمشق في طائفة يسيرة من الأمراء والخاصكية والخواص، وجعل يكثر التردد إلى الزنبقية وفي يوم الثلاثاء السادس والعشرين من ذي الحجة جلس السلطان بدار العدل داخل باب النصر، وأسقط ما كان حدده والده على بساتين أهل دمشق، فتضاعفت له منهم الأدعية وأحبوه لذلك حبا شديدا، فإنه كان قد أجحف بكثير من أصحاب الأملاك، وود كثير منهم لو تخلص من ملكه جملة بسبب ما عليه. وفيها طلب من أهل دمشق خمسين ألف دينار ضربت أجرة على أملاكهم مدة شهرين، وجبيت منهم على القهر والعسف.