للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قلبه يأمره وينهاه. وقال: ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم منه وتكتم خيره.

وقال: العزلة عبادة، وكان إذا ذكر الموت مات منه كل عضو على حدته. وفي رواية كان يتغير لونه وينكر حاله، حتى كأنه ليس بالذي كان، وكان إذا سئل عن الرؤيا قال للسائل: اتّق الله في اليقظة ولا يغرك ما رأيت في المنام. وقال له رجل: رأيت كأنى أصب الزيت في الزيتون، فقال: فتش على امرأتك فإنها أمك، ففتش فإذا هي أمه. وذلك أن الرجل أخذ من بلاده صغيرا سبيا ثم مكث في بلاد الإسلام إلى أن كبر، ثم سبيت أمه فاشتراها جاهلا أنها أمه، فلما رأى هذه الرؤيا وذكرها لابن سيرين فأمره أن يفتش على ذلك، ففتش فوجد الأمر على ما ذكره. وقال له آخر: رأيت كأنى دست- أو قال وطئت- تمرة فخرجت منها فأرة. فقال له: تتزوج امرأة- أو قال: تطأ امرأة- صالحة تلد بنتا فاسقة، فكان كما قال. وقال له آخر: رأيت كأن على سطح بيتي حبات شعير فجاء ديك فلقطها، فقال له: إن سرق لك شيء في هذه الأيام فأتنى. فوضعوا بساطا على سطحهم فسرق، فجاء إليه فأخبره، فقال: اذهب إلى مؤذن محلتك فخذه منه، فجاء إلى المؤذن فأخذ البساط منه. وقال له رجل: رأيت الحمام تلقط الياسمين. فقال: مات علماء البصرة. وأتاه رجل فقال: رأيت رجلا عريانا واقفا على مزبلة وبيده طنبور يضرب به، فقال له ابن سيرين: لا تصلح هذه الرؤيا في زماننا هذا إلا للحسن البصري، فقال: الحسن هو والله الّذي رأيت. فقال: نعم، لأن المزبلة الدنيا وقد جعلها تحت رجليه، وعريه تجرده عنها، والطنبور يضرب به هي المواعظ التي يقرع بها آذان الناس.

وقال له آخر: رأيت كأنى أستاك والدم يسيل. فقال له: أنت رجل تقع في أعراض الناس وتأكل لحومهم وتخرج في بابه وتأتيه [١] .

وقال له آخر: رأيت كأنى أرى اللؤلؤ في الحمأة، فقال له: أنت رجل تضع القرآن والعلم عند غير أهله ومن لا ينتفع به. وجاءته امرأة فقالت: رأيت كأن سنورا أدخل رأسه في بطن زوجي فأخذ منه قطعة، فقال لها ابن سيرين: سرق لزوجك ثلاثمائة درهم، وستة عشر درهما، فقالت: صدقت من أين أخذته؟ فقال: من هجاء حروفه وهي حساب الجمل، فالسين ستون، والنون خمسون، والواو ستة والراء مائتان، وذلك ثلاثمائة وستة عشر، وذكرت السنور أسود فقال: هو عبد في جواركم، فالزموا عبدا أسود كان في جوارهم وضرب فأقر بالمال المذكور. وقال له رجل: رأيت لحيتي قد طالت وأنا انظر إليها. فقال له أمؤذن أنت؟ قال: نعم! قال له: اتّق الله ولا تنظر إلى دور الجيران. وقال له آخر: رأيت كأن لحيتي قد طالت حتى جززتها ونسجتها كساء وبعته في السوق. فقال له: اتّق الله فإنك شاهد زور. وقال له آخر: رأيت كأنى آكل أصابعى، فقال له تأكل من عمل يدك. وقال لرجل


[١] كذا الأصل، وفيه تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>