الكلام شقا ثيابهما وإن موسى وهارون سَجَدَا إِعْظَامًا لِهَذَا الْكَلَامِ وَغَضَبًا للَّه عَزَّ وَجَلَّ وَشَفَقَةً عَلَيْهِمْ مِنْ وَبِيلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ٥: ٢٥ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ. قَالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ٥: ٢٦ عوقبوا على نكولهم بالتيهان في الأرض يسيرون إِلَى غَيْرِ مَقْصِدٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَصَبَاحًا وَمَسَاءً وَيُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنَ التِّيهِ مِمَّنْ دَخَلَهُ بَلْ مَاتُوا كُلُّهُمْ فِي مُدَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا ذَرَّارِيُّهُمْ سِوَى يُوشَعَ وَكَالِبَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. لَكِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَقُولُوا لَهُ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى بَلْ لَمَّا اسْتَشَارَهُمْ فِي الذَّهَابِ إِلَى النَّفِيرِ تَكَلَّمَ الصِّدِّيقُ فَأَحْسَنَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ أَشِيرُوا عَلَيَّ حَتَّى قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ كَأَنَّكَ تُعَرِّضُ بِنَا يَا رَسُولَ الله فو الّذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ وَمَا نَكْرَهُ أَنْ يَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا إِنَّا لَصُبُرٌ فِي الْحَرْبِ صُدُقٌ فِي اللقاء لعل الله يريك منا ما تقربه عَيْنُكَ فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ سَعْدٍ وَبَسَطَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عن مخارق ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَحْمَسِيِّ عَنْ طَارِقٍ هُوَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ٥: ٢٤ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى. قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود لَقَدْ شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ مَشْهَدًا لَأَنْ أَكُونَ أَنَا صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يدعو على المشركين قال وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ٥: ٢٤ وَلَكُنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ يَسَارِكَ وَمِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشْرِقُ لِذَلِكَ وَسُرَّ بِذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ وَالْمَغَازِي مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُخَارِقٍ بِهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَارَ إِلَى بَدْرٍ اسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ ثُمَّ اسْتَشَارَهُمْ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ إِيَّاكُمْ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا إِذًا لَا نَقُولُ لَهُ كَمَا قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ٥: ٢٤ والّذي بعثك بالحق إن ضَرَبْتَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَاتَّبَعْنَاكَ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ بِهِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِهِ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ عَنْ مُعْتَمِرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ بِهِ نَحْوَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute