وفي رواية فلا تقلدونى. وفي رواية فلا تلتفتوا إلى قولي. وفي رواية فاضربوا بقولي عرض الحائط، فلا قول لي مع رسول الله ﷺ. وقال: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء. وفي رواية خير من أن يلقاه بعلم الكلام. وقال: لو علم الناس ما في الكلام من الأهواء لفروا منه كما يفرون من الأسد. وقال: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد، ويطاف بهم في القبائل وينادى عليهم هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام.
وقال البويطي: سمعت الشافعيّ يقول: عليكم بأصحاب الحديث فإنهم أكثر الناس صوابا.
وقال: إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأنما رأيت رجلا من أصحاب رسول الله ﷺ، جزاهم الله خيرا، حفظوا لنا الأصل، فلهم علينا الفضل. ومن شعره في هذا المعنى قوله:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة … إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا … وما سوى ذاك وسواس الشياطين
وكان يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر. وقد روى عن الربيع وغير واحد من رءوس أصحابه ما يدل على أنه كان يمر بآيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف، على طريقة السلف. وقال ابن خزيمة: أنشدنى المزني وقال أنشدنا الشافعيّ لنفسه قوله:
ما شئت كان وإن لم أشأ … وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت … ففي العلم يجرى الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد … ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت وهذا خذلت … وهذا أعنت وذا لم تعن
وقال الربيع: سمعت الشافعيّ يقول: أفضل الناس بعد رسول الله ﷺ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم على. وعن الربيع قال: أنشدنى الشافعيّ:
قد عوج الناس حتى أحدثوا بدعا … في الدين بالرأي لم تبعث بها الرسل
حتى استخف بحق الله أكثرهم … وفي الّذي حملوا من حقه شغل
وقد ذكرنا من شعره في السنة وكلامه فيها وفيما قال من الحكم والمواعظ طرفا صالحا في الّذي كتبناه في أول طبقات الشافعية. وقد كانت وفاته بمصر يوم الخميس، وقيل يوم الجمعة، في آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، وعن أربع وخمسين سنة، وكان أبيض جميلا طويلا مهيبا يخضب بالحناء، مخالفا للشيعة ﵀ وأكرم مثواه.