للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاته. وأبو عبيد، وقال: ما رأيت أفصح ولا أعقل ولا أورع من الشافعيّ. ويحيى بن أكثم القاضي، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن الحسن، وغير واحد ممن يطول ذكرهم وشرح أقوالهم.

وكان أحمد بن حنبل يدعو له في صلاته نحوا من أربعين سنة،

وكان أحمد يقول في الحديث الّذي رواه أبو داود من طريق عبد الله بن وهب عن سعيد بن أبى أيوب عن شراحيل بن يزيد عن أبى علقمة عن أبى هريرة عن النبي : «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها». قال فعمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، والشافعيّ على رأس المائة الثانية.

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا جعفر بن سليمان عن نصر بن معبد الكندي - أو العبديّ - عن الجارود عن أبى الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله : «لا تسبوا قريشا فان عالمها يملأ الأرض علما، اللهمّ إنك إذ أذقت أولها عذابا ووبالا فأذق آخرها نوالا».

وهذا غريب من هذا الوجه، وقد رواه الحاكم في مستدركه عن أبى هريرة عن النبي بنحوه.

قال أبو نعيم عبد الملك بن محمد الأسفراييني: لا ينطبق هذا إلا على محمد بن إدريس الشافعيّ. حكاه الخطيب. وقال يحيى بن معين عن الشافعيّ: هو صدوق لا بأس به. وقال مرة: لو كان الكذب له مباحا مطلقا لكانت مروءته تمنعه أن يكذب. وقال ابن أبى حاتم سمعت أبى يقول: الشافعيّ فقيه البدن، صدوق اللسان. وحكى بعضهم عن أبى زرعة أنه قال: ما عند الشافعيّ حديث غلط فيه.

وحكى عن أبى داود نحوه.

وقال إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة - وقد سئل هل سنة لم تبلغ الشافعيّ؟ - فقال: لا.

ومعنى هذا أنها تارة تبلغه بسندها، وتارة مرسلة، وتارة منقطعة كما هو الموجود في كتبه والله أعلم.

وقال حرملة: سمعت الشافعيّ يقول: سميت ببغداد ناصر السنة. وقال أبو ثور: ما رأينا مثل الشافعيّ ولا هو رأى مثل نفسه. وكذا قال الزعفرانيّ وغيره. وقال داود بن على الظاهري في كتاب جمعه في فضائل الشافعيّ: للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره، من شرف نسبه، وصحة دينه ومعتقده، وسخاوة نفسه، ومعرفته بصحة الحديث وسقمه وناسخه ومنسوخه، وحفظه الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء وحسن التصنيف، وجودة الأصحاب والتلامذة، مثل أحمد بن حنبل في زهده وورعه، وإقامته على السنة. ثم سرد أعيان أصحابه من البغاددة والمصريين، وكذا عد أبو داود من جملة تلاميذه في الفقه أحمد بن حنبل. وقد كان الشافعيّ من أعلم الناس بمعاني القرآن والسنة، وأشد الناس نزعا للدلائل منهما، وكان من أحسن الناس قصدا وإخلاصا، كان يقول: وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا ينسب إليّ شيء منه أبدا فأوجر عليه ولا يحمدوني. وقد قال غير واحد عنه: إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله فقولوا به ودعوا قولي، فأنى أقول به، وإن لم تسمعوا منى.

<<  <  ج: ص:  >  >>