للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاهرة فولى بها نظر الدواوين عوضا عن كريم الدين الصغير، وقدم كريم الدين المذكور إلى دمشق في شوال، فنزل بدار العدل من القصاعين. وولى سيف الدين قديدار ولاية مصر، وهو شهم سفاك للدماء، فأراق الخمور وأحرق الحشيشة وأمسك الشطار، واستقامت به أحوال القاهرة ومصر، وكان هذا الرجل ملازما لابن تيمية مدة مقامه بمصر.

وفي رمضان قدم إلى مصر الشيخ نجم الدين عبد الرحيم بن الشحام الموصلي من بلاد السلطان أزبك، وعنده فنون من علم الطب وغيره، ومعه كتاب بالوصية به فأعطى تدريس الظاهرية البرانية نزل له عنها جمال الدين بن القلانسي، فباشرها في مستهل ذي الحجة، ثم درس بالجاروضية. ثم خرج الركب في تاسع شوال وأميره كوكنجبار المحمدي، وقاضيه شهاب الدين الظاهري. وممن خرج إلى الحج برهان الدين الفزاري، وشهاب الدين قرطاى الناصري نائب طرابلس، وصاروحا وشهرى وغيرهم. وفي نصف شوال زاد السلطان في عدة الفقهاء بمدرسته الناصرية، كان فيها من كل مذهب ثلاثون ثلاثون، فزادهم إلى أربعة وخمسين من كل مذهب، وزادهم في الجوامك أيضا. وفي الثالث والعشرين منه وجد كريم الدين الكبير وكيل السلطان قد شنق نفسه داخل خزانة له قد أغلقها عليه من داخل: ربط حلقه في حبل وكان تحت رجليه قفص فدفع القفص برجليه فمات في مدينة أسوان، وستأتي ترجمته.

وفي سابع عشر ذي القعدة زينت دمشق بسبب عافية السلطان من مرض كان قد أشفى منه على الموت، وفي ذي القعدة درس جمال الدين بن القلانسي بالظاهرية الجوانية عوضا عن ابن الزملكانى، سافر على قضاء حلب، وحضر عنده القاضي القزويني، وجاء كتاب صادق من بغداد إلى المولى شمس بن حسان يذكر فيه أن الأمير جوبان أعطى الأمير محمد حسيناه قدحا فيه خمر ليشربه، فامتنع من ذلك أشد الامتناع، فألح عليه وأقسم فأبى أشد الاباء، فقال له إن لم تشربها وإلا كلفتك أن تحمل ثلاثين تومانا، فقال نعم أحمل ولا أشربها، فكتب عليه حجة بذلك، وخرج من عنده إلى أمير آخر يقال له بكتى، فاستقرض منه ذلك المال ثلاثين تومانا فأبى أن يقرضه إلا بربح عشرة توامين، فاتفقا على ذلك، فبعث بكتى إلى جوبان يقول له: المال الّذي طلبته من حسيناه عندي فان رسمت حملته إلى الخزانة الشريفة، وإن رسمت تفرقه على الجيش. فأرسل جوبان إلى محمد حسيناه فأحضره عنده فقال له: تزن أربعين تومانا ولا تشرب قدحا من خمر؟ قال نعم، فأعجبه ذلك منه ومزق الحجة المكتوبة عليه، وحظي عنده وحكمه في أموره كلها، وولاه ولايات كتابه، وحصل لجوبان إقلاع ورجوع عن كثير مما كان يتعاطاه، رحم الله حسيناه.

وفي هذه السنة كانت فتنة بأصبهان قتل بسببها ألوف من أهلها، واستمرت الحرب بينهم

<<  <  ج: ص:  >  >>