وما ذاك الا أن قوما أفادهم … فخافوا تواص بالعقوق وبالكفر
عشية راحوا نحو بدر بجمعهم … وكانوا رهونا للركية من بدر
وكنا طلبنا العير لم نبغ غيرها … فساروا إلينا فالتقينا على قدر
فلما التقينا لم تكن مثنوية … لنا غير طعن بالمثقفة السمر
وضرب ببيض يختلى الهام حدها … مشهرة الألوان بينّة الأثر
ونحن تركنا عتبة الغي ثاويا … وشيبة في قتلى تجرجم في الجفر
وعمرو ثوى فيمن ثوى من حماتهم … فشقت جيوب النائحات على عمرو
جيوب نساء من لؤيّ بن غالب … كرام تفرعن الذوائب من فهر
أولئك قوم قتّلوا في ضلالهم … وخلوا لواء غير محتضر النصر
لواء ضلال قاد إبليس أهله … فخاس بهم إن الخبيث إلى غدر
وقال لهم إذ عاين الأمر واضحا … برئت إليكم ما بيّ اليوم من صبر
فانى أرى ما لا ترون وإنني … أخاف عقاب الله والله ذو قسر
فقدّمهم للحين حتى تورطوا … وكان بما لم يخبر القوم ذا خبر
فكانوا غداة البئر الفا وجمعنا … ثلاث مئين كالمسدمة الزهر
وفينا جنود الله حين يمدنا … بهم في مقام ثمّ مستوضح الذكر
فشد بهم جبريل تحت لوائنا … لدا مأزق فيه مناياهم تجرى
وقد ذكر ابن إسحاق جوابها من الحارث بن هشام تركناها عمدا.
وقال على بن أبى طالب وأنكرها ابن هشام:
ألم تر أن الله أبلى رسوله … بلاء عزيز ذي اقتدار وذي فضل
بما أنزل الكفار دار مذلة … فلاقوا هوانا من أسار ومن قتل
فأمسى رسول الله قد عز نصره … وكان رسول الله أرسل بالعدل
فجاء بفرقان من الله منزل … مبينة آياته لذوي العقل
فآمن أقوام بذلك وأيقنوا … فامسوا بحمد الله مجتمعي الشمل
وأنكر أقوام فزاغت قلوبهم … فزادهم ذو العرش خبلا على خبل
وأمكن منهم يوم بدر رسوله … وقوما غضابا فعلهم أحسن الفعل
بأيديهم بيض خفاف عصوا بها … وقد حادثوها بالجلاء وبالصقل
فكم تركوا من ناشئ ذو حمية … صريعا ومن ذي نجدة منهم كهل