للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذاك الا أن قوما أفادهم ... فخافوا تَوَاصٍ بِالْعُقُوقِ وَبِالْكُفْرِ

عَشِيَّةَ رَاحُوا نَحْوَ بَدْرٍ بجمعهم ... وكانوا رُهُونًا لِلرَّكِيَّةِ مِنْ بَدْرِ

وَكُنَّا طَلَبْنَا الْعِيرِ لَمْ نَبْغِ غَيْرَهَا ... فَسَارُوا إِلَيْنَا فَالْتَقَيْنَا عَلَى قَدْرِ

فَلَمَّا الْتَقَيْنَا لَمْ تَكُنْ مَثْنَوِيَّةٌ ... لَنَا غَيْرَ طَعْنٍ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ

وَضَرْبٍ بِبِيضٍ يَخْتَلِي الْهَامَ حَدُّهَا ... مُشَهَّرَةِ الْأَلْوَانِ بَيِّنَةِ الْأُثْرِ

وَنَحْنُ تَرَكْنَا عُتْبَةَ الْغَيِّ ثَاوِيًا ... وَشَيْبَةَ فِي قَتْلَى تَجَرْجَمُ فِي الْجَفْرِ

وَعَمْرٌو ثَوَى فِيمَنْ ثَوَى مِنْ حُمَاتِهِمْ ... فَشُقَّتْ جُيُوبَ النَّائِحَاتِ عَلَى عَمْرِو

جُيُوبُ نِسَاءٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامٍ تَفَرَّعْنَ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرِ

أُولَئِكَ قَوْمٌ قُتِّلُوا فِي ضَلَالِهِمْ ... وَخَلَّوْا لِوَاءً غَيْرَ مُحْتَضَرِ النَّصْرِ

لِوَاءَ ضَلَالٍ قَادَ إِبْلِيسُ أَهْلَهُ ... فَخَاسَ بِهِمْ إِنَّ الْخَبِيثَ إِلَى غَدْرِ

وَقَالَ لَهُمْ إِذْ عَايَنَ الْأَمْرَ وَاضِحًا ... بَرِئْتُ إِلَيْكُمْ مَا بِيَ الْيَوْمَ مِنْ صَبْرِ

فَإِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَإِنَّنِي ... أَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو قَسْرِ

فَقَدَّمَهُمْ لِلْحَيْنِ حَتَّى تَوَرَّطُوا ... وَكَانَ بِمَا لَمْ يَخْبُرِ الْقَوْمُ ذَا خُبْرِ

فَكَانُوا غَدَاةَ الْبِئْرِ أَلْفًا وَجَمْعُنَا ... ثَلَاثُ مِئِينٍ كَالْمُسَدَّمَةِ الزُّهْرِ

وَفِينَا جُنُودُ اللَّهِ حِينَ يَمُدُّنَا ... بِهِمْ فِي مَقَامٍ ثَمَّ مُسْتَوْضِحِ الذِّكْرِ

فَشَدَّ بِهِمْ جِبْرِيلُ تحت لوائنا ... لدا مَأْزَقٍ فِيهِ مَنَايَاهُمُ تَجْرِي

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إسحاق جوابها من الحارث بْنِ هِشَامٍ تَرَكْنَاهَا عَمْدًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَنْكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَبْلَى رَسُولَهُ ... بَلَاءَ عَزِيزٍ ذِي اقْتِدَارٍ وَذِي فَضْلِ

بِمَا أَنْزَلَ الْكُفَّارَ دَارَ مَذَلَّةٍ ... فَلَاقَوْا هَوَانًا مِنْ إِسَارٍ وَمِنْ قَتْلِ

فَأَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ قَدْ عَزَّ نَصْرُهُ ... وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ أُرْسِلَ بِالْعَدْلِ

فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ مِنَ اللَّهِ مُنْزَلٍ ... مُبَيَّنَةٍ آيَاتُهُ لِذَوِي الْعَقْلِ

فَآمَنَ أقوام بذلك وَأَيْقَنُوا ... فَأَمْسَوْا بِحَمْدِ اللَّهِ مُجْتَمِعِي الشَّمْلِ

وَأَنْكَرَ أَقْوَامٌ فَزَاغَتْ قُلُوبُهُمْ ... فَزَادَهُمُ ذُو الْعَرْشِ خَبْلًا عَلَى خَبْلِ

وَأَمْكَنَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ رَسُولَهُ ... وَقَوْمًا غِضَابًا فِعْلُهُمْ أَحْسَنُ الْفِعْلِ

بِأَيْدِيهِمُ بِيضٌ خِفَافٌ عَصُوا بِهَا ... وَقَدْ حَادَثُوهَا بِالْجَلَاءِ وَبِالصَّقْلِ

فكم تركوا من ناشئ ذو حَمِيَّةٍ ... صَرِيعًا وَمِنْ ذِي نَجْدَةٍ مِنْهُمُ كَهْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>