تبيت عيون النائحات عليهم … تجود باسبال الرشاش وبالوبل.
نوائح تنعى عتبة الغيّ وابنه … وشيبة تنعاه وتنعى أبا جهل
وذا الرجل تنعى وابن جدعان فيهم … مسلبة حرى مبيّنة الثكل
ثوى منهم في بئر بدر عصابة … ذوو نجدات في الحروب وفي المحل
دعا الغي منهم من دعا فأجابه … وللغي أسباب مرمقة الوصل
فاضحوا لدى دار الجحيم بمعزل … عن الشغب والعدوان في أسفل السفل (١)
وقد ذكر ابن إسحاق نقيضها من الحارث أيضا تركناها قصدا وقال كعب بن مالك:
عجبت لأمر. الله والله قادر … على ما أراد ليس لله قاهر
قضى يوم بدر أن نلاقى معشرا … بغوا وسبيل البغي بالناس جائر
وقد حشدوا واستنفروا من يليهم … من الناس حتى جمعهم متكاثر
وسارت إلينا لا تحاول غيرنا … بأجمعها كعب جميعا وعامر
وفينا رسول الله والأوس حوله … له معقل منهم عزيز وناصر
وجمع بنى النجار تحت لوائه … يمشون في الماذي والنقع ثائر
فلما لقيناهم وكل مجاهد … لأصحابه مستبسل النفس صابر
شهدنا بأنّ الله لا رب غيره … وأنّ رسول الله بالحق ظاهر
وقد عريت بيض خفاف كأنها … مقاييس يزهيها لعينيك شاهر
بهنّ أبدنا جمعهم فتبددوا … وكان يلاقى الحين من هو فاجر
فكب أبو جهل صريعا لوجهه … وعتبة قد غادرته وهو عاثر
وشيبة والتيمي غادرت في الوغى … وما منهم إلا بذي العرش كافر
فامسوا وقود النار في مستقرها … وكل كفور في جهنم صائر
تلظى عليهم وهي قد شب حميها … بزبر الحديد والحجارة ساجر
وكان رسول الله قد قال أقبلوا … فولوا وقالوا إنما أنت ساحر
لأمر أراد الله أن يهلكوا به … وليس لأمر حمّه الله زاجر
وقال كعب في يوم بدر:
ألا هل أتى غسان في نأى دارها … وأخبر شيء بالأمور عليمها
بان قد رمتنا عن قسى عداوة … معدّ معا جهالها وحليمها
(١) كذا في المصرية وفي ابن هشام والحلبية: في أشغل الشغل.