عَلَى الزَّرْعِ تَمْشِي خَيْلُنَا وَرِكَابُنَا ... فَمَا وَطِئَتْ أَلْصَقْنَهُ بِالدَّكَادِكِ
أَقَمْنَا ثَلَاثًا بَيْنَ سَلْعٍ وَفَارِعٍ ... بِجُرْدِ الْجِيَادِ وَالْمَطِيِّ الرَّوَاتِكِ
حَسِبْتُمْ جِلَادَ الْقَوْمِ عِنْدَ فِنَائِكُمْ ... كَمَأْخَذِكُمْ بِالْعَيْنِ أَرْطَالَ آنُكِ
فَلَا تَبْعِثِ الْخَيْلَ الْجِيَادَ وَقُلْ لَهَا ... عَلَى نَحْوِ قَوْلِ الْمَعْصِمِ الْمُتَمَاسِكِ
سَعِدْتُمْ بِهَا وَغَيْرُكُمْ كَانَ أَهْلَهَا ... فَوَارِسُ مِنْ أَبْنَاءِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ
فَإِنَّكَ لَا فِي هِجْرَةٍ إِنْ ذَكَرْتَهَا ... وَلَا حُرُمَاتِ دِينِهَا أَنْتَ نَاسِكُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا أَبْيَاتًا لِاخْتِلَافِ قَوَافِيهَا، وَقَدْ ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْفَرَ النَّاسَ لِمَوْعِدِ أَبِي سُفْيَانَ وَانْبَعَثَ الْمُنَافِقُونَ فِي النَّاسِ يُثَبِّطُونَهُمْ فَسَلَّمَ اللَّهُ أَوْلِيَاءَهُ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ صُحْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ وَأَخَذُوا مَعَهُمْ بِضَائِعَ وَقَالُوا إِنْ وَجَدْنَا أَبَا سُفْيَانَ وَإِلَّا اشْتَرَيْنَا مِنْ بَضَائِعِ مَوْسِمِ بَدْرٍ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ سِيَاقِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي خُرُوجِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى مَجَنَّةَ وَرُجُوعِهِ وَفِي مُقَاوَلَةِ الضَّمْرِيِّ، وَعَرْضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنَابَذَةَ فَأَبَى ذَلِكَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا فِي أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ. وَكَانَ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا فِي مُسْتَهَلِّ ذِي الْقِعْدَةِ يَعْنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ وَوَافَقَ قَوْلَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهَا فِي شَعْبَانَ لَكِنْ قَالَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَهَذَا وَهْمٌ فَإِنَّ هَذِهِ تَوَاعَدُوا إِلَيْهَا من أحد وكانت أُحُدٌ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فَأَقَامُوا بِبَدْرٍ مُدَّةَ الْمَوْسِمِ الَّذِي كَانَ يُعْقَدُ فِيهَا ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فَرَجَعُوا وَقَدْ رَبِحُوا مِنَ الدِّرْهَمِ دِرْهَمَيْنِ. وَقَالَ غيره:
فانقلبوا كما قال الله عز وجل: فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَالله ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ٣: ١٧٤
فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بن عفان رضى الله عنه يعنى مِنْ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتِّ سِنِينَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ وَالِدُهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قُلْتُ: وَفِيهِ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ وَأُمُّهُ بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute