الحميدي حدثنا سفيان ثنا عمرو عن عطاء عن ابن عباس ﴿الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً﴾ قال: هم والله كفار قريش. قال عمرو: هم قريش، ومحمد نعمة الله ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ﴾ قال: النار يوم بدر. قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت:
قومي الذين هم آووا نبيهم … وصدقوه وأهل الأرض كفار
إلا خصائص أقوام هم سلف … للصالحين من الأنصار أنصار
مستبشرين بقسم الله قولهم … لما أتاهم كريم الأصل مختار
أهلا وسهلا ففي أمن وفي سعة … نعم النبي ونعم القسم والجار
[فأنزلوه بدار لا يخاف بها … من كان جارهم دارا هي الدار (١)]
وقاسموهم بها الأموال إذ قدموا … مهاجرين وقسم الجاحد النار
سرنا وساروا إلى بدر لحينهم … لو يعلمون يقين العلم ما ساروا
دلاهم بغرور ثم أسلمهم … إن الخبيث لمن والاه غرّار
وقال إني لكم جار فأوردهم … شر الموارد فيه الخزي والعار
ثم التقينا فولوا عن سراتهم … من منجدين ومنهم فرقة غاروا
وقال الامام احمد حدثنا يحيى بن أبى بكر وعبد الرزاق. قالا: حدثنا إسرائيل عن عكرمة عن ابن عباس. قال: لما فرغ رسول الله ﷺ من القتلى قيل له عليك العير ليس دونها شيء، فناداه العباس وهو في الوثاق: إنه لا يصلح لك. قال لم؟ قال لان الله وعدك احدى الطائفتين، وقد أنجز لك ما وعدك. وقد كانت جملة من قتل من سراة الكفار يوم بدر سبعين، هذا مع حضور ألف من الملائكة وكان قدر الله السابق فيمن بقي منهم أن سيسلم منهم بشر كثير، ولو شاء الله لسلط عليهم ملكا واحدا فأهلكهم عن آخرهم، ولكن قتلوا من لا خير فيه بالكلية، وقد كان في الملائكة جبريل الّذي أمره الله تعالى فاقتلع مدائن قوم لوط وكن سبعا فيهن من الأمم والدواب والأراضي والمزروعات، وما لا يعلمه إلا الله، فرفعهن حتى بلغ بهن عنان السماء على طرف جناحه ثم قلبهن منكسات واتبعهن بالحجارة التي سومت لهم كما ذكرنا ذلك في قصة قوم لوط كما تقدم.
وقد شرع الله جهاد المؤمنين للكافرين وبين تعالى حكمه في ذلك فقال ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ الآية. وقال تعالى
(١) البيت عن ابن هشام. وقوله في الّذي يليه (الجاحد) في الأصل الجاهل. وكذا قوله (دلاهم) في الأصل والا هموا والتصحيح عن ابن هشام.