للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وعدني ربى حقا» قال فسمع عمر صوته فقال يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون؟ يقول الله تعالى ﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى﴾ فقال «والّذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا». ورواه مسلم عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة به. وقال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت:

عرفت ديار زينب بالكثيب … كخط الوحي في الورق القشيب

تداولها الرياح وكل جون … من الوسمي منهمر سكوب

فأمسى رسمها خلقا وأمست … يبابا بعد ساكنها الحبيب

فدع عنك التذكر كل يوم … ورد حرارة القلب (١) الكئيب

وخبّر بالذي لا عيب فيه … بصدق غير اخبار الكذوب

بما صنع المليك غداة بدر … لنا في المشركين من النصيب

غداة كأن جمعهم حراء … بدت أركانه جنح الغروب

فلاقيناهم منا بجمع … كاسد الغاب مردان وشيب

أمام محمد قد وازروه … على الأعداء في لفح الحروب

بأيديهم صوارم مرهفات … وكل مجرّب خاطى الكعوب

بنو الأوس الغطارف وازرتها … بنو النجار في الدين الصليب

فغادرنا أبا جهل صريعا … وعتبة قد تركنا بالجبوب (٢)

وشيبة قد تركنا في رجال … ذوى حسب إذا نسبوا حسيب

يناديهم رسول الله لمّا … قذفناهم كباكب في القليب

ألم تجدوا كلامي كان حقا … وأمر الله يأخذ بالقلوب

فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا … صدقت وكنت ذا رأى مصيب

قال ابن إسحاق: ولما أمر رسول الله أن يلقوا في القليب أخذ عتبة بن ربيعة فسحب في القليب فنظر رسول الله فيما بلغني - في وجه أبى حذيفة بن عتبة فإذا هو كئيب قد تغير لونه فقال: «يا حذيفة لعلك قد دخلت من شأن أبيك شيء - أو كما قال رسول الله فقال: لا والله يا رسول الله ما شككت في أبى ولا في مصرعه، ولكنى كنت أعرف من أبى رأيا وحلما وفضلا فكنت أرجو أن يهديه ذلك للإسلام، فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الّذي كنت أرجو له أحزننى ذلك فدعا له رسول الله بخير وقال له خيرا وقال البخاري حدثنا


(١) في ابن هشام: الصدر الكثيب.
(٢) الجبوب اسم للأرض لأنها تجب أي تحفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>