للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يوم فَتْحِ مَكَّةَ: «لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وإذا استنفرتم الا فَانْفِرُوا» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُثْمَانِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ جَرِيرٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا عَفَّانُ ثَنَا وهب ثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ هَاجَرَ فَقُلْتُ لَهُ لا أدخل منزلي حتى أسأل رسول الله ما سأله فَأَتَيْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدَيِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ «مَضَتِ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ» فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ. وَقَالَ خَالِدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٌ أَنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ ثَنَا زُهَيْرٌ ثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُجَاشِعٌ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِأَخِي بَعْدَ يَوْمِ الْفَتْحِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ قَالَ «ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا» فَقُلْتُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ «أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ» فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ بَعْدُ وَكَانَ أكبر هما سِنًّا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثَنَا غُنْدَرٌ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشام؟ فقال: لا هجرة ولكن انْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلَّا رجعت. وقال أبو النصر أَنَا شُعْبَةُ أَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ- أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ. حدثنا إسحاق ابن يَزِيدَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عن مجاهد بن جبير أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ أَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ أَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَسَأَلَهَا عن الهجرة فقالت لا هجرة اليوم. وكان الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وجل والى رسوله مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.

وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْهِجْرَةَ إِمَّا الْكَامِلَةَ أَوْ مُطْلَقًا قَدِ انْقَطَعَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لِأَنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَثَبَتَتْ أَرْكَانُهُ وَدَعَائِمُهُ فَلَمْ تَبْقَ هِجْرَةٌ اللَّهمّ إِلَّا أَنْ يَعْرِضَ حَالٌ يَقْتَضِي الْهِجْرَةَ بِسَبَبِ مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ عِنْدَهُمْ فَتَجِبُ الْهِجْرَةُ إِلَى دَارِ الإسلام وهذا مالا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْهِجْرَةَ لَيْسَتْ كَالْهِجْرَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ، كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنَ الْجِهَادِ وَالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَشْرُوعٌ ورغب فيه الى يوم القيامة وليس كَالْإِنْفَاقِ وَلَا الْجِهَادِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>