للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَمْلَكَتَهُ وَخَرَّبَ بِلَادِهِ وَاسْتَبَاحَ بَيْضَةَ قَوْمِهِ وَنَهَبَ حَوَاصِلَهُ وَمَزَّقَ شَمْلَ الْفُرْسِ شَذَرَ مَذَرَ عَزَمَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ شَمْلٌ وَلَا يَلْتَئِمَ لَهُمْ أَمْرٌ فَجَعَلَ يُقِرُّ كُلَّ مَلِكٍ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ فِي إِقْلِيمٍ مِنْ أَقَالِيمِ الْأَرْضِ مَا بَيْنَ عَرَبِهَا وَأَعَاجِمِهَا فَاسْتَمَرَّ كُلُّ مَلِكٍ مِنْهُمْ يَحْمِي حَوْزَتَهُ وَيَحْفَظُ حِصَّتَهُ وَيَسْتَغِلُّ مَحِلَّتَهُ فَاذَا هَلَكَ قَامَ وَلَدُهُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْ أَحَدُ قَوْمِهِ فَاسْتَمَرَّ الْأَمْرُ كَذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى كَانَ أَزْدَشَيْرُ بْنُ بَابِكَ مِنْ بَنِي سَاسَانَ بْنِ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفِنْدِيَارَ بْنِ يَشْتَاسِبَ بْنِ لِهْرَاسِبَ فَأَعَادَ مُلْكَهُمْ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَرَجَعَتِ الممالك برمتها اليه وأزال ممالك مملوك الطَّوَائِفِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ تَالِدٌ وَلَا طَارِفٌ وَكَانَ تَأَخَّرَ عَلَيْهِ حِصَارُ صَاحِبِ الْحَضْرِ الَّذِي كَانَ أَكْبَرَهُمْ وَأَشَدَّهُمْ وَأَعْظَمَهُمْ إِذْ كَانَ رَئِيسَهُمْ وَمُقَدَّمَهُمْ فَلَمَّا مَاتَ أَزْدَشَيْرُ تَصَدَّى لَهُ وَلَدُهُ سَابُورُ فَحَاصَرَهُ حَتَّى أَخَذَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

بَابُ ذِكْرِ بَنِي إِسْمَاعِيلَ وهم عرب الحجاز وَمَا كَانَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى زَمَانِ الْبَعْثَةِ

تَقَدَّمَ ذِكْرُ إِسْمَاعِيلَ نَفْسِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَيْفَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ حِينَ احْتَمَلَهُ أَبُوهُ ابْرَاهِيمَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ فَأَسْكَنَهَا بِوَادِي مَكَّةَ بَيْنَ جِبَالِ فَارَانَ حَيْثُ لَا أَنِيسَ بِهِ وَلَا حَسِيسَ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ رَضِيعًا ثُمَّ ذَهَبَ وَتَرَكَهُمَا هُنَالِكَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ بِذَلِكَ لَيْسَ عِنْدَ أُمِّهِ سِوَى جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ وَوِكَاءٌ فِيهِ مَاءٌ فَلَمَّا نَفِدَ ذَلِكَ أَنْبَعَ اللَّهُ لِهَاجَرَ زَمْزَمَ الَّتِي هِيَ طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ الله. ثم نزلت جرهم وهم طَائِفَةٌ مِنَ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ مِنْ أُمَمِ الْعَرَبِ الْأَقْدَمِينَ عِنْدَ هَاجَرَ بِمَكَّةَ عَلَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْمَاءِ شَيْءٌ إِلَّا مَا يَشْرَبُونَ مِنْهُ وَيَنْتَفِعُونَ بِهِ فَاسْتَأْنَسَتْ هَاجَرُ بِهِمْ وَجَعَلَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُطَالِعُ أَمْرَهُمْ فِي كُلِّ حِينٍ يُقَالَ إِنَّهُ كَانَ يَرْكَبُ الْبُرَاقَ مِنْ بِلَادِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ ثُمَّ لَمَّا تَرَعْرَعَ الْغُلَامُ وَشَبَّ وَبَلَغَ مَعَ أَبِيهِ السَّعْيَ كَانَتْ قِصَّةُ الذَّبْحِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ عَلَى الصَّحِيحِ ثُمَّ لَمَّا كَبِرَ تَزَوَّجَ مِنْ جُرْهُمٍ امْرَأَةً ثُمَّ فَارَقَهَا وَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَتَزَوَّجَ بِالسَّيِّدَةِ بِنْتِ مُضَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيِّ وَجَاءَتْهُ بِالْبَنِينَ الِاثْنَيْ عَشَرَ كما تقدم ذكرهم وهم: نابت وقيذر. ومنشا. ومسمع. وماشى. ودما. وأذر. ويطور. ونيشى. وطيما. وقيذما [١] هكذا ذكره محمد


[١] كذا في الأصل احدى عشر. قال ابن جرير الطبري: وقد ينطق بأسماء أولاد إسماعيل بغير الألفاظ التي ذكرت عن ابن إسحاق وقد ضبطهم زميلنا الفاضل محب الدين افندى الخطيب في كتابه اتجاه الموجات البشرية في جزيرة العرب بعد بحثه عن ذلك في مختلف المصادر هكذا.
نابت، قيدار، يطّور، تيما، دومة، مسمع، قدمة، أدب ايل، نفيس، مبسام، الهميسع، حداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>