للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْخُ الشُّيُوخِ صَدْرُ الدِّينِ

أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بن شيخ الشيوخ عماد الدين محمود بْنِ حَمُّوَيْهِ الْجُوَيْنِيُّ، مِنْ بَيْتِ رِيَاسَةٍ وَإِمْرَةٍ عِنْدَ بَنِي أَيُّوبَ، وَقَدْ كَانَ صَدْرُ الدِّينِ هذا فقيها فاضلا، درس بتربة الشافعيّ بمصر، وَبِمَشْهَدِ الْحُسَيْنِ وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ سَعِيدِ السُّعَدَاءِ وَالنَّظَرَ فِيهَا، وَكَانَتْ لَهُ حُرْمَةٌ وَافِرَةٌ عِنْدَ الْمُلُوكِ، أَرْسَلَهُ الْكَامِلُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَسْتَنْصِرُهُ عَلَى الْفِرِنْجِ فَمَاتَ بِالْمَوْصِلِ بِالْإِسْهَالِ، وَدُفِنَ بِهَا عِنْدَ قَضِيبِ الْبَانِ عَنْ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً.

صَاحِبُ حَمَاةَ

الْمَلِكُ الْمَنْصُورُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِ تَقِيِّ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ شاهنشاه بن أيوب، وكان فَاضِلًا لَهُ تَارِيخٌ فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ سَمَّاهُ الْمِضْمَارَ، وَكَانَ شُجَاعًا فَارِسًا، فَقَامَ بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ ولده الناصر قلج أَرْسَلَانَ، ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا الْكَامِلُ وَحَبَسَهُ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوَلَّى أَخَاهُ الْمُظَفَّرَ بْنَ الْمَنْصُورِ

صَاحِبُ آمِدَ

الْمَلِكُ الصَّالِحُ نَاصِرُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَرَا أَرْسَلَانَ بْنِ أُرْتُقَ، وَكَانَ شُجَاعًا مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ، وَكَانَ مُصَاحِبًا لِلْأَشْرَفِ مُوسَى بْنِ الْعَادِلِ يَجِيءُ إِلَى خدمته مرارا، وملك بعده ولده المسعود، وكان بخيلا فاسقا، فأخذه معه الكامل وَحَبَسَهُ بِمِصْرَ ثُمَّ أَطْلَقَهُ فَأَخَذَ أَمْوَالَهُ وَسَارَ إلى التتار، فأخذته مِنْهُ.

الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْيُونِينِيُّ

الْمُلَقَّبُ أَسَدَ الشَّامِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ مِنْ قَرْيَةٍ بِبَعْلَبَكَّ يُقَالُ لَهَا يُونِينُ، وَكَانَتْ لَهُ زَاوِيَةٌ يُقْصَدُ فِيهَا لِلزِّيَارَةِ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الْكِبَارِ الْمَشْهُورِينَ بِالْعِبَادَةِ وَالرِّيَاضَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَهُ هِمَّةٌ عَالِيَةٌ فِي الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ لَا يَقْتَنِي شَيْئًا وَلَا يَمْلِكُ مَالًا وَلَا ثِيَابًا، بَلْ يَلْبَسُ عَارِيَةً وَلَا يَتَجَاوَزُ قَمِيصًا فِي الصَّيْفِ وَفَرْوَةً فَوْقَهُ فِي الشِّتَاءِ، وَعَلَى رَأْسِهِ قُبَّعًا مِنْ جُلُودِ الْمَعْزِ، شَعْرُهُ إِلَى ظَاهِرٍ، وَكَانَ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ غَزَاةٍ مِنَ الْغَزَوَاتِ، وَيَرْمِي عَنْ قَوْسٍ زِنَتُهُ ثَمَانُونَ رَطْلًا، وَكَانَ يُجَاوِرُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ بِجَبَلِ لُبْنَانَ، وَيَأْتِي فِي الشِّتَاءِ إِلَى عيون العاسريا فِي سَفْحِ الْجَبَلِ الْمُطِلِّ عَلَى قَرْيَةِ دُومَةَ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، لِأَجْلِ سُخُونَةِ الْمَاءِ، فَيَقْصِدُهُ النَّاسُ لِلزِّيَارَةِ هُنَاكَ، وَيَجِيءُ تَارَةً إِلَى دِمَشْقَ فَيَنْزِلُ بسفح قاسيون عند القادسية وَكَانَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَمُكَاشَفَاتٌ صَالِحَةٌ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ أَسَدُ الشَّامِ، حَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْمُظَفَّرِ سِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ عَنِ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ يَعْقُوبَ الْحَاكِمِ بِكَرَكِ الْبِقَاعِ أَنَّهُ شَاهَدَ مَرَّةً الشيخ عبد الله وهو يتوضأ من ثور عِنْدَ الْجِسْرِ الْأَبْيَضِ إِذْ مَرَّ نَصْرَانِيٌّ وَمَعَهُ حِمْلُ بَغْلٍ خَمْرًا فَعَثَرَتِ الدَّابَّةُ عِنْدَ الْجِسْرِ فَسَقَطَ الْحِمْلُ فَرَأَى الشَّيْخَ وَقَدْ فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ وَلَا يَعِرِفُهُ، وَاسْتَعَانَ بِهِ عَلَى رَفْعِ الْحِمْلِ فَاسْتَدْعَانِي الشَّيْخُ فَقَالَ: تَعَالَ يَا فَقِيهُ، فَتُسَاعِدَنَا عَلَى تَحْمِيلِ ذَلِكَ الْحِمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَذَهَبَ النَّصْرَانِيُّ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ وَتَبِعْتُ الْحِمْلَ وَأَنَا ذَاهِبٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَانْتَهَى بِهِ إِلَى العقبة فأورده إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>