السَّاجِيُّ وَمَلِكُ الرُّومِ الدُّمُسْتُقُ، فَهَزَمَهُ مُفْلِحٌ وَطَرَدَ وَرَاءَهُ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كثيرا.
وفيها هبت ريح شديدة ببغداد تحمل رمادا أَحْمَرَ يُشْبِهُ رَمْلَ أَرْضِ الْحِجَازِ. فَامْتَلَأَتْ مِنْهُ البيوت.
وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَرَجِ بن سفيان أَبُو بَكْرٍ النَّحْوِيُّ، كَانَ عَالِمًا بِمَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ وَلَهُ فِيهِ تَصَانِيفُ.
أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ رميم
الْعَابِدُ الزَّاهِدُ أَنْفَقَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَأْوِي إِلَى فِرَاشٍ.
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْهُ أَنَّهُ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَتْ له: إني قد امتحنت بمحنة وأكرهت على الزنا وَأَنَا حُبْلَى مِنْهُ، وَقَدْ تَسَتَّرْتُ بِكَ وَزَعَمْتُ أَنَّكَ زَوْجِي، وَأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْكَ، فَاسْتُرْنِي سَتَرَكَ اللَّهُ وَلَا تَفْضَحْنِي. فَسَكَتَ عَنْهَا، فَلَمَّا وَضَعَتْ جَاءَنِي أَهْلُ الْمَحَلَّةِ وَإِمَامُ مَسْجِدِهِمْ يُهَنِّئُونَنِي بِالْوَلَدِ، فَأَظْهَرْتُ الْبِشْرَ وَبَعَثْتُ فَاشْتَرَيْتُ بِدِينَارَيْنِ شَيْئًا حلوا وأطعمتهم، وكنت أوجه إليها مع إمام المسجد في كل شهر دينارين صفة نفقة للمولود، وَأَقُولُ: أَقْرِئْهَا مِنِّي السَّلَامَ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي مَا فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا.
فَمَكَثَتْ كَذَلِكَ سنتين، ثم مات الولد فجاءوني يعزونني فيه، فأظهرت الحزن عليه، ثم جاءتني أمه بالدنانير التي كنت أرسل بها إليها نفقة الولد، قد جمعتها في صرة عِنْدَهَا، فَقَالَتْ لِي: سَتَرَكَ اللَّهُ وَجَزَاكَ خَيْرًا، وَهَذِهِ الدَّنَانِيرُ الَّتِي كُنْتَ تُرْسِلُ بِهَا. فَقُلْتُ: إني كنت أرسل بها صلة للولد وقد مات وأنت ترثينه فهي لك، فافعلي بها ما شئت فدعت وانصرفت.
[بدر بن الهيثم]
ابن خَلَفِ بْنِ خَالِدِ بْنِ رَاشِدِ بْنِ الضَّحَّاكِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُحَرِّقِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ المنذر، أبو القاسم البلخي الْقَاضِي الْكُوفِيُّ. نَزَلَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ سَمَاعُهُ لِلْحَدِيثِ بَعْدَ مَا جَاوَزَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا، عاش مائة سنة وسبع عشرة سنة. توفى في شوال منها بِالْكُوفَةِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العزيز
ابن الْمَرْزُبَانِ بْنِ سَابُورَ بْنِ شَاهِنْشَاهْ أَبُو الْقَاسِمِ البغوي، ويعرف بابن بنت منيع، ولد سنة ثلاث عشرة، وقيل أربعة عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ. وَرَأَى أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، وَخَلَفِ بْنِ هِشَامٍ البزار، وخلق كثير، وَكَانَ مَعَهُ جُزْءٌ فِيهِ سَمَاعُهُ مِنَ ابْنِ معين فأخذه مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْحَافِظُ فَرَمَاهُ فِي دِجْلَةَ، وقال: يريد أن يجمع بَيْنَ الثَّلَاثَةِ؟ وَقَدْ تَفَرَّدَ عَنْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ شَيْخًا، وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا ضَابِطًا، رَوَى عَنِ الحفاظ وله مصنفات. وقال موسى بن هارون الحافظ: كان ابن بنت مَنِيعٍ ثِقَةً صَدُوقًا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَاهُنَا ناسا يتكلمون فيه. فقال: يحسدونه، ابن بنت مَنِيعٍ لَا يَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ. وَقَالَ ابْنُ أبى