ﷺ» ثم عمد إلى بقية المصاحف التي بأيدي الناس مما يخالف ما كتبه فحرقه، لئلا يقع بسببه اختلاف، فقال أبو بكر بن أبى داود - في كتاب المصاحف - حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن قالا: ثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن رجل عن سويد بن غفلة قال: قال لي على حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته» وهكذا رواه أبو داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق عن شعبة مثله،
وقد رواه البيهقي وغيره من حديث محمد بن أبان - زوج أخت حسين - عن علقمة بن مرثد قال: سمعت العيزار بن جرول سمعت سويد بن غفلة قال: «قال على: أيها الناس! إياكم والغلو في عثمان تقولون حرق المصاحف، والله ما حرقها إلا عن ملأ من أصحاب محمد ﷺ، ولو وليت مثل ما ولى لفعلت مثل الّذي فعل» وقد روى عن ابن مسعود أنه تعتب لما أخذ منه مصحفه فحرق، وتكلم في تقدم إسلامه على زيد بن ثابت الّذي كتب المصاحف، وأمر أصحابه أن يغلوا مصاحفهم، وتلا قوله تعالى ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ فكتب إليه عثمان ﵁ يدعوه إلى اتباع الصحابة فيما أجمعوا عليه من المصلحة في ذلك، وجمع الكلمة، وعدم الاختلاف، فأناب وأجاب إلى المتابعة، وترك المخالفة ﵃ أجمعين.
وقد قال أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله بن مسعود دخل مسجد منى فقال:
كم صلى أمير المؤمنين الظهر؟ قالوا: أربعا، فصلى ابن مسعود أربعا فقالوا: ألم تحدثنا أن رسول الله ﷺ وأبا بكر وعمر صلوا ركعتين؟ فقال: نعم! وأنا أحدثكموه الآن، ولكنى أكره الاختلاف. وفي الصحيح أن ابن مسعود قال: ليت حظي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين. وقال الأعمش: حدثني معاوية بن قرة - بواسط - عن أشياخه قالوا: صلى عثمان الظهر بمنى أربعا فبلغ ذلك ابن مسعود فعاب عليه، ثم صلى بأصحابه العصر في رحله أربعا، فقيل له: عتبت على عثمان وصليت أربعا؟ فقال: إني أكره الخلاف. وفي رواية الخلاف شر فإذا كان هذا متابعة من ابن مسعود إلى عثمان في هذا الفرع فكيف بمتابعته إياه في أصل القرآن؟ والافتداء به في التلاوة التي عزم على الناس أن يقرءوا بها لا بغيرها؟ وقد حكى الزهري وغيره أن عثمان إنما أتم خشية على الأعراب أن يعتقدوا أن فرض الصلاة ركعتان، وقيل بل قد تأهل بمكة،
فروى يعلى وغيره من حديث عكرمة بن إبراهيم حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبى ذباب عن أبيه أن عثمان صلى بهم بمنى أربع ركعات، ثم أقبل عليهم فقال: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إذا تزوج الرجل ببلد فهو من أهله» وإني أتممت لأني تزوجت بها منذ قدمتها. وهذا الحديث لا يصح، وقد تزوج رسول الله ﷺ في عمرة القضاء بميمونة بنت الحارث ولم يتم الصلاة، وقد قيل إن عثمان تأول أنه أمير المؤمنين حيث كان [وهكذا تأولت عائشة فأتمت، وفي هذا التأويل نظر، فان رسول الله ﷺ هو رسول الله