إن دهرا أظلنى … قد أرانى العجائبا
قلب الناس كيف شئت … تجدهم عقاربا
قال بشر فقلت لإبراهيم: هذه موعظة الراهب لك، فعظني أنت. فأنشأ يقول:
توحش من الاخوان لا تبغ مونسا … ولا تتخذ خلا ولا تبغ صاحبا
وكن سامرى الفعل من نسل آدم … وكن أوحديا ما قدرت مجانبا
فقد فسد الاخوان والحب والاخا … فلست ترى إلا مذوقا وكاذبا
فقلت ولولا أن يقال مدهده … وتنكر حالاتي لقد صرت راهبا
قال سرى: فقلت لبشر: هذه موعظة إبراهيم لك فعظني أنت، فقال: عليك بالخمول ولزوم بيتك. فقلت بلغني عن الحسن أنه قال: لولا الليل وملاقاة الاخوان ما باليت متى مت. فأنشأ بشر يقول:
يا من يسر برؤية الاخوان … مهلا أمنت مكايد الشيطان
خلت القلوب من المعاد وذكره … وتشاغلوا بالحرص والخسران
صارت مجالس من ترى وحديثهم … في هتك مستور وموت جنان
قال الحلبي فقلت لسرى: هذه موعظة بشر فعظني أنت. فقال: عليك بالاخمال فقلت أحب ذاك، فأنشأ يقول:
يا من يروم بزعمه إخمالا … إن كان حقا فاستعد خصالا
ترك المجالس والتذاكر يا أخى … واجعل خروجك للصلاة خيالا
بل كن بها حيا كأنك ميت … ملا يرتجى منه القريب وصالا
قال على بن محمد القصري: قلت للحلبى هذه موعظة سرى لك فعظني أنت. فقال: يا أخى أحب الأعمال إلى الله ما صعد إليه من قلب زاهد من الدنيا، فازهد في الدنيا يحبك الله. ثم أنشأ يقول:
أنت في دار شتات … فتأهب لشتاتك
واجعل الدنيا كيوم … صمته عن شهواتك
واجعل الفطر إذا … ما صمته يوم وفاتك
قال ابن خرزاد فقلت لعلى: هذه موعظة الحلبي لك فعظني أنت. فقال لي: احفظ وقتك واسخ بنفسك لله ﷿، وانزع قيمة الأشياء من قلبك يصفو لك بذلك سرك ويذكو به ذكرك. ثم أنشدنى.
حياتك أنفاس تعد فكلما … مضى نفس منها انتقصت به جزءا
فتصبح في نقص وتمسى بمثله … ومالك معقول تحس به رزءا
يميتك ما يحييك في كل ساعة … ويحدوك حاد ما يزيد بك الهزءا