ورفض الأصنام، وحج البيت وصيام شهر رمضان من اثنى عشر شهرا. فمن أجاب فله الجنة، ومن عصى فله النار. فآمن يا عمرو يؤمنك الله من هول جهنم» فقلت اشهد ان لا إله الا الله وانك رسول الله آمنت بما جئت من حلال وحرام، وان رغم ذلك كثيرا من الأقوام. ثم أنشدته أبياتا قلتها حين سمعت به. وكان لنا صنم. وكان أبى سادنا له فقمت اليه فكسرته. ثم لحقت بالنبيّ ﷺ وانا أقول:
شهدت بأن الله حق واننى … لآلهة الأحجار أول تارك
وشمرت عن ساق الازار مهاجرا … إليك أجوب القفر بعد الدكادك
لأصحب خير الناس نفسا ووالدا … رسول مليك الناس فوق الحبائك
فقال النبي ﷺ:«مرحبا بك يا عمرو بن مرة» فقلت يا رسول الله ابعثني الى قومي. لعل الله يمن عليهم بى كما من على بك. فبعثني اليهم. وقال:«عليك بالرفق والقول السديد. ولا تكن فظا. ولا متكبرا ولا حسودا» فذكر انه أتى قومه، فدعاهم الى ما دعاه اليه رسول الله ﷺ فأسلموا كلهم. الا رجلا واحدا منهم، وانه وفد بهم الى رسول الله ﷺ. فرحب بهم وحياهم. وكتب لهم كتابا هذه نسخته «بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من الله على لسان رسول الله ﷺ، بكتاب صادق، وحق ناطق مع عمرو بن مرة الجهنيّ لجهينة بن زيد: ان لكم بطون الأرض وسهولها، وتلاع الأودية وظهورها، تزرعون نباته وتشربون صافيه، على ان تقروا بالخمس، وتصلوا صلاة الخمس وفي التبيعة والصريمة ان اجتمعتا وان تفرقتا شاة شاة، ليس على أهل الميرة صدقة، ليس الوردة اللبقة (١) وشهد على نبينا ﷺ من حضر من المسلمين بكتاب قيس بن شماس». وذكر شعرا قاله عمرو بن مرة في ذلك كما هو مبسوط في المسند الكبير وبالله الثقة وعليه التكلان.
وقال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً﴾ قال كثيرون من السلف: لما أخذ الله ميثاق بنى آدم يوم ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟﴾ أخذ من النبيين ميثاقا خاصا، وأكد مع هؤلاء الخمسة أولى العزم أصحاب الشرائع الكبار الذين أولهم نوح وآخرهم محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقد
روى الحافظ أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة من طرق عن الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة: سئل النبي ﷺ متى وجبت لك النبوة؟ قال «بين خلق آدم ونفخ الروح فيه» وهكذا رواه الترمذي من طريق الوليد بن مسلم. وقال حسن غريب من حديث أبى هريرة، لا نعرفه الا من هذا الوجه.
وقال أبو نعيم: حدثنا سليمان بن احمد حدثنا يعقوب بن إسحاق بن الزبير الحلبي حدثنا أبو جعفر
(١) اللبقة. كذا في الأصل ولعلها يريد أنه لا يؤخذ في الصدقة كرائم الأموال.