للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رفعوها إلا خديعة ودهاء ومكيدة. فقالوا له: ما يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله فنأبى أن نقبله. فقال لهم: إني إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم الكتاب فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم به، وتركوا عهده، ونبذوا كتابه.

فقال له مسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصين الطائي ثم السبائى في عصابة معهما من القراء الذين صاروا بعد ذلك خوارج، يا على أجب إلى كتاب الله إذ دعيت إليه وإلا دفعناك برمتك إلى القوم أو نفعل بك ما فعلنا بابن عفان، إنه غلبنا أن يعمل بكتاب الله فقتلناه، والله لتفعلنها أو لنفعلنها بك. قال: فاحفظوا عنى نهيي إياكم واحفظوا مقالتكم لي، أما أنا فان تطيعوني فقاتلوا، وإن تعصوني فاصنعوا ما بدا لكم، قالوا: فابعث إلى الأشتر فليأتك ويكف عن القتال، فبعث إليه على ليكف عن القتال، وقد ذكر الهيثم بن عدي في كتابه الّذي صنفه في الخوارج فقال: قال ابن عباس:

فحدثني محمد بن المنتشر الهمدانيّ عن من شهد صفين وعن ناس من رءوس الخوارج ممن لا يتهم على كذب أن عمار بن ياسر كره ذلك وأبى وقال في على بعض ما أكره ذكره، ثم قال: من رائح إلى الله قبل أن يبتغى غير الله حكما؟ فحمل فقاتل حتى قتل رحمة الله عليه. وكان ممن دعا إلى ذلك سادات الشاميين عبد الله بن عمرو بن العاص قام في أهل العراق فدعاهم إلى الموادعة والكف وترك القتال والائتمار بما في القرآن، وذلك عن أمر معاوية له بذلك ، وكان ممن أشار على على بالقبول والدخول في ذلك الأشعث بن قيس الكندي ،

فروى أبو مخنف من وجه آخر أن عليا لما بعث إلى الأشتر قال: قل له إنه ليس هذه ساعة ينبغي أن لا تزيلني عن موقفي فيها، إني قد رجوت أن يفتح الله على، فلا تعجلني، فرجع الرسول - وهو يزيد بن هانئ - إلى على فأخبره عن الأشتر بما قال، وصمم الأشتر على القتال لينتهز الفرصة، فارتفع الهرج وعلت الأصوات

فقال أولئك القوم لعلى: والله ما نراك إلا أمرته أن يقاتل، فقال: أرأيتموني ساررته؟ ألم أبعث إليه جهرة وأنتم تسمعون؟ فقالوا: فابعث إليه فليأتك وإلا والله اعتزلناك، فقال على لزيد بن هانئ:

ويحك! قل له أقبل إلى فان الفتنة قد وقعت، فلما رجع إليه يزيد بن هانئ فأبلغه عن أمير المؤمنين أنه ينصرف عن القتال ويقبل إليه، جعل يتململ ويقول: ويحك ألا ترى إلى ما نحن فيه من النصر ولم يبق إلا القليل؟ فقلت: أيهما أحب إليك أن تقبل أو يقتل أمير المؤمنين كما قتل عثمان؟ ثم ماذا يغنى عنك نصرتك هاهنا؟ قال: فأقبل الأشتر إلى على وترك القتال فقال: يا أهل العراق! يا أهل الذل والوهن أحين علوتم القوم وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها، وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها، وسنة من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم، أمهلونى فانى قد أحسست بالفتح، قالوا: لا! قال: أمهلونى عدو الفرس فانى قد طمعت في النصر، قالوا إذا ندخل معك في خطيئتك، ثم أخذ الأشتر يناظر أولئك القراء الداعين إلى إجابة أهل الشام

<<  <  ج: ص:  >  >>