شجاع، وكانت من سروات النساء سنحا وحزما. كان مولده بفم الصلح سنة سبع ومائتين، وبويع له بالخلافة بعد أخيه الواثق في يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة لسنة ثنتين وثلاثين ومائتين.
وقد روى الخطيب من طريقه عن يحيى بن أكثم عن محمد بن عبد الوهاب عن سفيان عن الأعمش عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير بن عبد الله عن النبي ﷺ قال: «من حرم الرّفق حرم الخير». ثم أنشأ المتوكل يقول:
الرّفق يمن والاناة سعادة … فاستأذن في رفق تلاق نجاحا
لا خير في حزم بغير رويّة … والشك وهن إن أردت سراحا
وقال ابن عساكر في تاريخه: وحدث عن أبيه المعتصم ويحيى بن أكثم القاضي. وروى عنه على ابن الجهم الشاعر، وهشام بن عمار الدمشقيّ، وقدم المتوكل دمشق في خلافته وبنى بها قصرا بأرض داريا. وقال يوما لبعضهم: إن الخلفاء تتغضب على الرعية لتطيعها، وإني ألين لهم ليحبوني ويطيعوني. وقال أحمد بن مروان المالكي: ثنا أحمد بن على البصري قال: وجه المتوكل إلى أحمد بن المعذل وغيره من العلماء فجمعهم في داره ثم خرج عليهم فقام الناس كلهم إليه إلا أحمد بن المعذل. فقال المتوكل لعبيد الله: إن هذا لا يرى بيعتنا؟ فقال: يا أمير المؤمنين بلى! ولكن في بصره سوء. فقال أحمد بن المعذل: يا أمير المؤمنين ما في بصرى سوء، ولكن نزهتك من عذاب الله.
قال النبي ﷺ: «من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوَّأ مقعده من النار». فجاء المتوكل فجلس إلى جنبه. وروى الخطيب أن على بن الجهم دخل على المتوكل وفي يده درتان يقلبهما فأنشده قصيدته التي يقول فيها: -
وإذا مررت ببئر عروة … فاستقى من مائها
فأعطاه التي في يمينه وكانت تساوى مائة ألف. ثم أنشده:
بسر من رأى أمير … تغرف من بحرة البحار
يرجى ويخشى لكل خطب … كأنه جنة ونار
الملك فيه وفي بنيه … ما اختلف الليل والنهار
يداه في الجود ضرتان … عليه كلتاهما تغار
لم تأت منه اليمين شيئا … إلا أتت مثله اليسار
قال: فأعطاه التي في يساره أيضا. قال الخطيب: وقد رويت هذه الأبيات لعلى بن هارون البحتري في المتوكل. وروى ابن عساكر عن على بن الجهم قال: وقفت فتحية حظية المتوكل بين يديه وقد كتبت على خدها بالغالية جعفر فتأمل ذلك ثم أنشأ يقول: