للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لي عمر: أيسرك أن تنظر إلى رسول الله وهو يوحى اليه؟ فرفع طرف الثوب عن وجهه وهو يوحى اليه بالجعرانة، فإذا هو محمر الوجه، وهو يغط كما يغط البكر. وثبت في الصحيحين من حديث عائشة لما نزل الحجاب، وأن سودة خرجت بعد ذلك إلى المناصع ليلا، فقال عمر: قد عرفناك يا سودة. فرجعت إلى رسول الله فسألته وهو جالس يتعشى والعرق في يده، فأوحى الله اليه والعرق في يده، ثم رفع رأسه فقال: «إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن». فدل هذا على أنه لم يكن الوحي يغيب عنه إحساسه بالكلية، بدليل أنه جالس ولم يسقط العرق أيضا من يده صلوات الله وسلامه دائما عليه. وقال أبو داود الطيالسي حدثنا عباد بن منصور حدثنا عكرمة عن ابن عباس. قال: كان رسول الله إذا أنزل عليه الوحي تربد لذلك جسده ووجهه وأمسك عن أصحابه ولم يكلمه أحد منهم. وفي مسند أحمد وغيره من حديث ابن لهيعة حدثني يزيد ابن أبى حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو قلت يا رسول الله هل تحس بالوحي؟ قال «نعم اسمع صلاصل ثم أثبت عند ذلك، وما من مرة يوحى إلى إلا ظننت أن نفسي تفيظ منه».

وقال أبو يعلى الموصلي حدثنا إبراهيم بن الحجاج حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب حدثنا أبى عن خاله العليان بن عاصم. قال: كنا عند رسول الله وأنزل عليه، وكان إذا أنزل عليه دام بصره وعيناه مفتوحة، وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من الله ﷿. وروى أبو نعيم من حديث قتيبة حدثنا على بن غراب عن الأحوص بن حكيم عن أبى عوانة عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة. قال: كان رسول الله إذا نزل عليه الوحي صدع وغلف رأسه بالحناء. هذا حديث غريب جدا. وقال الامام احمد حدثنا أبو النضر حدثنا أبو معاوية سنان عن ليث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد. قالت: إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله ، إذ نزلت عليه المائدة كلها، وكادت من ثقلها تدق عضد الناقة. وقد رواه أبو نعيم من حديث الثوري عن ليث بن أبى سليم به. وقال الامام احمد أيضا حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني جبر بن عبد الله عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو قال: أنزلت على رسول الله سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها. وروى ابن مردويه من حديث صباح ابن سهل عن عاصم الأحوال حدثتني أم عمرو عن عمها انه كان في مسير مع رسول الله فنزلت عليه سورة المائدة، فاندق عنق الراحلة من ثقلها. وهذا غريب من هذا الوجه. ثم قد ثبت في الصحيحين نزول سورة الفتح على رسول الله مرجعه من الحديبيّة، وهو على راحلته، فكان يكون تارة وتارة بحسب الحال والله أعلم. وقد ذكرنا أنواع الوحي إليه في أول شرح البخاري وما ذكره الحليمي وغيره من الأئمة .

<<  <  ج: ص:  >  >>