ثم أدرج في ثلاثة أثواب ثوبين أبيضين وبرد حبرة، قال ثم دعا العباس رجلين. فقال: ليذهب أحدكما الى أبى عبيده بن الجراح - وكان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة. وليذهب الآخر الى أبى طلحة ابن سهل الأنصاري - وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة. قال ثم قال العباس حين سرحهما:
اللهمّ خر لرسولك؟ قال فذهبا فلم يجد صاحب أبى عبيدة أبا عبيدة ووجد صاحب أبى طلحة أبا طلحة فلحد لرسول الله ﷺ انفرد به احمد. وقال يونس بن بكير عن المنذر بن ثعلبة عن الصلت عن (١) العلباء بن احمر قال: كان على والفضل يغسلان رسول الله. فنودي عليّ ارفع طرفك الى السماء وهذا منقطع.
قلت:
وقد روى بعض أهل السنن عن عليّ بن أبى طالب. أن رسول الله ﷺ قال له:«يا على لا تبد فخذك، ولا تنظر الى فخذ حىّ ولا ميت». وهذا فيه إشعار بأمره له في حق نفسه والله أعلم
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي انبأنا أبو عبد الله الحافظ أنبأنا محمد بن يعقوب ثنا يحيى ابن محمد بن يحيى ثنا ضمرة ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب. قال قال عليّ غسلت رسول الله ﷺ فذهبت انظر ما يكون من الميت فلم أر شيئا، وكان طيبا حيا وميتا ﷺ. وقد رواه أبو داود في المراسيل وابن ماجة من حديث معمر به، زاد البيهقي في روايته قال سعيد بن المسيب: وقد ولى دفنه ﵇ أربعة عليّ والعباس والفضل وصالح مولى رسول الله ﷺ، لحدوا له لحدا ونصبوا عليه اللبن نصبا. وقد روى نحو هذا عن جماعة من التابعين منهم عامر الشعبي ومحمد بن قيس وعبد الله بن الحارث وغيرهم بألفاظ مختلفة يطول بسطها ها هنا.
وقال البيهقي وروى أبو عمرو بن كيسان عن يزيد بن بلال سمعت عليا يقول: أوصى رسول الله ﷺ أن لا يغسله أحد غيري، فإنه لا يرى أحد عورتي إلا طمست عيناه. قال على: فكان العباس واسامة يناولانى الماء من وراء الستر. قال عليّ فما تناولت عضوا إلا كأنه يقلبه معى ثلاثون رجلا حتى فرغت من غسله. وقد أسند هذا الحديث الحافظ أبو بكر البزار في مسندة. فقال:
حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا عبد الصمد بن النعمان ثنا كيسان أبو عمرو عن يزيد بن بلال. قال قال عليّ ابن أبى طالب: أوصاني النبي ﷺ أن لا يغسله أحد غيري فإنه لا يرى أحد عورتي إلا طمت عيناه. قال على: فكان العباس واسامة يناولانى الماء من وراء الستر. قلت: هذا غريب جدا.
وقال البيهقي انبأنا محمد بن موسى بن الفضل ثنا أبو العباس الأصم ثنا أسيد بن عاصم ثنا الحسين بن حفص عن سفيان عن عبد الملك بن جريج سمعت محمد بن على ابا جعفر. قال:
غسل النبي ﷺ بالسدر ثلاثا، وغسل وعليه قميص، وغسل من بئر كان يقال لها الغرس بقباء كانت لسعد بن خيثمة وكان رسول الله يشرب منها، وولى غسله عليّ والفضل يحتضنه، والعباس
(١) في التيمورية: عن الصلت بن العلباء ولم أقف عليه.