القاضي شرف الدين الحنبلي في حلقة الثلثاء عوضا عن القاضي تقى الدين بن الحافظ ﵀، وحضر عنده القضاء والفضلاء، وكان درسا حسنا أخذ في قوله تعالى. ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ﴾ وخرج إلى مسألة تفضيل بعض الأولاد. وفي يوم الخميس ثانى شهر جمادى الأولى خرجت التجريدة إلى الكرك مقدمان من الأمراء، وهما الأمير شهاب الدين بن صبح، والأمير سيف الدين قلاوون، في أبهة عظيمة وتجمل وجيوش وبقارات، وإزعاج كثيرة.
وفي صبيحة يوم الاثنين الحادي والعشرين منه قتل بسوق الخيل حسن بن الشيخ السكاكينى على ما ظهر منه من الرفض الدال على الكفر المحض، شهد عليه عند القاضي شرف الدين المالكي بشهادات كثيرة تدل على كفره، وأنه رافضي جلد، فمن ذلك تكفير الشيخين ﵄، وقذفه أمى المؤمنين عائشة وحفصة ﵄، وزعم أن جبريل غلط فأوحى إلى محمد، وإنما كان مرسلا إلى على، وغير ذلك من الأقوال الباطلة القبيحة قبحه الله، وقد فعل. وكان والده الشيخ محمد السكاكينى يعرف مذهب الرافضة والشيعة جيدا، وكانت له أسئلة على مذهب أهل الخير، ونظم في ذلك قصيدة أجابه فيها شيخنا الامام العلامة شيخ الإسلام بن تيمية ﵀، وذكر غير واحد من أصحاب الشيخ أن السكاكينى ما مات حتى رجع عن مذهبه، وصار إلى قول أهل السنة فالله أعلم.
وأخبرت أن ولده حسنا هذا القبيح كان قد أراد قتل أبيه لما أظهر السنة.
وفي ليلة الاثنين خامس شهر رجب وصل بدن الأمير سيف الدين تنكز نائب الشام كان إلى تربته التي إلى جانب جامعه الّذي أنشأه ظاهر باب النصر بدمشق، نقل من الاسكندرية بعد ثلاث سنين ونصف أو أكثر، بشفاعة ابنته زوجة الناصر عند ولده السلطان الملك الصالح، فأذن في ذلك وأرادوا أن يدفن بمدرسته بالقدس الشريف، فلم يمكن، فجيء به إلى تربته بدمشق وعملت له الختم وحضر القضاة والأعيان ﵀.
وفي يوم الثلاثاء حادي عشر شعبان المبارك توفى صاحبنا الأمير صلاح الدين يوسف التكريتي ابن أخى الصاحب تقى الدين بن توبة الوزير، بمنزله بالقصاعين، وكان شابا من أبناء الأربعين، ذا ذكاء وفطنة وكلام وبصيرة جيدة، وكان كثير المحبة إلى الشيخ تقى الدين بن تيمية ﵀، ولأصحابه خصوصا، ولكل من يراه من أهل العلم عموما، وكان فيه إيثار وإحسان ومحبة الفقراء والصالحين، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون ﵀، وفي يوم السبت الخامس عشر منه جاءت زلزلة بدمشق لم يشعر بها كثير من الناس لخفتها ولله الحمد والمنة، ثم تواترت الأخبار بأنها شعثت في بلاد حلب شيئا كثيرا من العمران حتى سقط بعض الأبراج بقلعة حلب، وكثير من دورها ومساجدها ومشاهدها وجدرانها، وأما في القلاع حولها فكثير جدا، وذكروا أن مدينة منبج