للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مجاهد. قال: كان ابن عباس أمدهم قامة، وأعظمهم جفنة، وأوسعهم علما. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلسه - يعنى ابن عباس - الحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والشعر والطعام. وقال مجاهد: ما رأيت أعرب لسانا من ابن عباس، وقال محمد بن سعد:

ثنا عفان بن مسلم ثنا سليم بن أخضر عن سليمان التيمي - وهو ممن أرسله الحكم بن أديب - إلى الحسين سأله عن أول من جمّع بالناس في هذا المسجد يوم عرفة؟ قال: ابن عباس، وكان رجلا مثجا - أحسب في الحديث - كثير العلم، وكان يصعد المنبر فيقرأ سورة البقرة ويفسرها آية آية.

وقد روى من وجه آخر عن الحسن البصري نحوه، وقال عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ:

روى سفيان عن أبى بكر الهذلي عن الحسن قال: كان ابن عباس أول من عرّف بالبصرة، صعد المنبر فقرأ البقرة وآل عمران ففسرهما حرفا حرفا. مثجا: قال ابن قتيبة مثجا من الثج وهو السيلان، قال تعالى ﴿وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً﴾ وقيل كثيرا بسرعة: وقال يونس بن بكير: حدثنا أبو حمزة الثمالي عن أبى صالح: قال لقد رأيت من ابن عباس مجلسا لو أن جميع قريش فخرت به لكان لها به الفخر، لقد رأيت الناس اجتمعوا على بابه حتى ضاق بهم الطريق، فما كان أحد يقدر أن يجيء ولا أن يذهب، قال: فدخلت عليه فأخبرته بمكانهم على بابه، فقال لي: ضع لي وضوءا، قال: فتوضأ وجلس وقال: اخرج فقل لهم: من كان يريد أن يسأل عن القرآن وحروفه وما أريد منه فليدخل. قال: فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم عنه وزادهم مثل ما سألوا عنه أو أكثر، ثم قال: إخوانكم، فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من أراد أن يسأل عن الحلال والحرام والفقه فليدخل، قال فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله أو أكثر، ثم قال إخوانكم فخرجوا، ثم قال أخرج فقل: من كان يريد أن يسأل عن الفرائض وما أشبهها، فليدخل، فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم وزادهم مثله أو أكثر، ثم قال: إخوانكم فخرجوا، ثم قال: اخرج فقل: من كان يريد أن يسأل عن العربية والشعر والغريب من الكلام فليدخل، فخرجت فآذنتهم فدخلوا حتى ملئوا البيت والحجرة فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله، ثم قال إخوانكم فخرجوا، قال أبو صالح، فلو أن قريشا كلها فخرت بذلك لكان فخرا، فما رأيت مثل هذا لأحد من الناس.

وقال طاووس وميمون بن مهران: ما رأينا أورع من ابن عمر ولا أفقه من ابن عباس، قال ميمون: وكان ابن عباس أفقههما، وقال شريك القاضي عن الأعمش عن أبى الضحى عن مسروق قال: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس، فإذا نطق قلت أفصح الناس، فإذا تحدث

<<  <  ج: ص:  >  >>