للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحافظ الكبير أبو بكر البيهقي في الكتاب الّذي جمعه في مناقب أحمد عن شيخه الحافظ أبى عبد الله الحاكم صاحب المستدرك، وروى عن صالح بن الامام أحمد قال: رأى أبى هذا النسب في كتاب لي فقال: وما تصنع به؟ ولم ينكر النسب. قالوا: وقدم به أبوه من مرو وهو حمل فوضعته أمه ببغداد في ربيع الأول من سنة أربع وستين ومائة، وتوفى أبوه وهو ابن ثلاث سنين فكفلته أمه. قال صالح عن أبيه: فثقبت أذنى وجعلت فيها لؤلؤتين فلما كبرت دفعتهما إلى فبعتهما بثلاثين درهما.

وتوفى أبو عبد الله أحمد بن حنبل يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ومائتين، وله من العمر سبع وسبعون سنة .

وقد كان في حداثته يختلف إلى مجلس القاضي أبى يوسف، ثم ترك ذلك وأقبل على سماع الحديث، فكان أول طلبه للحديث وأول سماعه من مشايخه في سنة سبع وثمانين ومائة، وقد بلغ من العمر ست عشرة سنة، وأول حجة حجها في سنة سبع وثمانين ومائة، ثم سنة إحدى وتسعين.

وفيها حج الوليد بن مسلم، ثم سنة ست وتسعين، وجاور في سنة سبع وتسعين، ثم حج في سنة ثمان وتسعين، وجاور إلى سنة تسع وتسعين سافر إلى عند عبد الرزاق إلى اليمن، فكتب عنه هو ويحيى بن معين وإسحاق بن راهويه. قال الامام أحمد: حججت خمس حجج منها ثلاث راجلا، أنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهما. قال: وقد ضللت في بعضها عن الطريق وأنا ماش فجعلت أقول: يا عباد الله دلوني على الطريق، فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق. قال:

وخرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة، ولو كان عندي تسعون درهما كنت رحلت إلى جرير بن عبد الحميد إلى الري وخرج بعض أصحابنا ولم يمكني الخروج لأنه لم يمكن عندي شيء.

وقال ابن أبى حاتم عن أبيه عن حرملة: سمعت الشافعيّ قال: وعدني أحمد بن حنبل أن يقدم على مصر فلم يقدم. قال ابن أبى حاتم: يشبه أن تكون خفة ذات اليد منعته أن يفى بالعدة. وقد طاف أحمد بن حنبل في البلاد والآفاق، وسمع من مشايخ العصر، وكانوا يجلونه ويحترمونه في حال سماعه منهم، وقد سرد شيخنا في تهذيبه أسماء شيوخه مرتبين على حروف المعجم، وكذلك الرواة عنه.

قال البيهقي بعد أن ذكر جماعة من شيوخ الإمام أحمد: وقد ذكر أحمد بن حنبل في المسند وغيره الرواية عن الشافعيّ، وأخذ عنه جملة من كلامه في أنساب قريش، وأخذ عنه من الفقه ما هو مشهور، وحين توفى أحمد وجدوا في تركته رسالتي الشافعيّ القديمة والجديدة.

قلت: قد أفرد ما رواه أحمد عن الشافعيّ وهي أحاديث لا تبلغ عشرين حديثا، ومن أحسن ما

رويناه عن الإمام أحمد عن الشافعيّ عن مالك بن أنس عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك عن أبيه قال قال رسول الله : «نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه»

<<  <  ج: ص:  >  >>