تقربهم مِنْ آلِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ... عُيُونٌ لَدَى الدَّاعِي إِلَى طَلَبِ الْوَتْرِ
فَإِنْ لَمْ تَكُ الْأيَّامُ أَبْلَيْنَ جَدَّتِي ... وَشَيَّبْنَ رَأْسِي وَالْمَشِيبُ مَعَ الْعُمُرِ
فَإِنَّ لَنَا رَبًّا عَلَا فَوْقَ عَرْشِهِ ... عَلِيمًا بِمَا يَأْتِي مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ
أَلَمْ يَأْتِ قَوْمِي أَنَّ للَّه دَعْوَةً ... يَفُوزُ بِهَا أَهْلُ السَّعَادَةِ وَالْبِرِّ
إِذَا بُعِثَ الْمَبْعُوثُ مِنْ آلِ غَالِبٍ ... بَمَكَّةَ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْحِجْرِ
هُنَالِكَ فَابْغُوا نَصْرَهُ بِبِلَادِكُمْ ... بَنِي عَامِرٍ إِنَّ السَّعَادَةَ فِي النَّصْرِ
قَالَ ثُمَّ قُضِيَ مِنْ سَاعَتِهِ.
بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ
وَهُوَ مَا أَلْقَتْهُ الْجَانُّ عَلَى أَلْسِنَةِ الْكُهَّانِ وَمَسْمُوعًا مِنَ الأوثان وقد تقدم كلام شق وسطيح لربيعة بن نصر ملك اليمن في البشارة بِوُجُودِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَسُولُ ذكي يأتى اليه الوحي من قبل العلى. وسيأتي في المولد قول سطيح لعبد المسيح: إذا كثرت التلاوة وغاضت بحيرة ساوة وجاء صاحب الهراوة يعنى بِذَلِكَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سيأتي بيانه مفصلا [١] وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ حدثني ابن وهب حدثني عمرو- هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ- أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ مَا سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ إِنِّي لَأَظُنُّهُ إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ. بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَقَالَ لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ بِهِ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتَقْبَلَ بِهِ رَجُلًا مُسْلِمًا. قَالَ فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي قَالَ كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ؟ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا فِي السُّوقِ يَوْمًا جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ. فَقَالَتْ:
أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وإبلاسها ... ويأسها من بعد إنكاسها؟
ولحوقها بالقلاص وأحلاسها
قال عمر صدق بينا أنا نائم عند آلهتهم جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحُ أَمْرٌ نَجِيحٌ، رَجُلٌ فَصِيحٌ، يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَوَثَبَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا. ثُمَّ نَادَى يَا جَلِيحُ أَمْرٌ نَجِيحٌ، رَجُلٌ فَصِيحٌ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِيٌّ. تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.
وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ الْأَزْدِيُّ. وَيُقَالُ السَّدُوسِيُّ مِنْ أَهْلِ السراة من جبال البلقاء
[١] من أول الباب إلى هنا كله تفردت به النسخة الحلبية ولم ترد في المصرية.