للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن يرد الله بكم خيرا يجمعكم على خير هؤلاء، كما جمعكم على خيركم بعد نبيكم ، ومن تمام ورعه لم يذكر في الشورى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل لأنه ابن عمه خشي أن يراعى فيولي لكونه ابن عمه، فلذلك تركه. وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، بل جاء في رواية المدائني عن شيوخه أنه استثناه من بينهم، وقال لست مدخله فيهم، وقال لأهل الشورى يحضركم عبد الله - يعنى ابنه - وليس إليه من الأمر شيء - يعنى بل يحضر الشورى ويشير بالنصح ولا يولى شيئا - وأوصى أن يصلى بالناس صهيب بن سنان الرومي ثلاثة أيام حتى تنقضي الشورى، وأن يجتمع أهل الشورى ويوكل بهم أناس حتى ينبرم الأمر، ووكل بهم خمسين رجلا من المسلمين وجعل عليهم مستحثا أبا طلحة الأنصاري، والمقداد بن الأسود الكندي، وقد قال عمر بن الخطاب: ما أظن الناس يعدلون بعثمان وعلى أحدا، إنهما كانا يكتبان الوحي بين يدي رسول الله بما ينزل به جبريل عليه.

قالوا: فلما مات عمر وأحضرت جنازته تبادر إليها على وعثمان أيهما يصلى عليه، فقال لهما عبد الرحمن بن عوف: لستما من هذا في شيء، إنما هذا إلى صهيب الّذي أمره عمر أن يصلى بالناس. فتقدم صهيب وصلى عليه، ونزل في قبره مع ابنه عبد الله أهل الشورى سوى طلحة فإنه كان غائبا، فلما فرغ من شأن عمر جمعهم المقداد بن الأسود في بيت المسور بن مخرمة، وقيل في حجرة عائشة، وقيل في بيت المال، وقيل في بيت فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس، والأول أشبه والله أعلم. فجلسوا في البيت وقام أبو طلحة يحجبهم، وجاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة فجلسا من وراء الباب فحصبهم سعد بن أبى وقاص وطردهما وقال جئتما لتقولا حضرنا أمر الشورى؟ رواه المدائني عن مشايخه والله أعلم بصحته.

والمقصود أن القوم خلصوا من الناس في بيت يتشاورون في أمرهم، فكثر القول، وعلت الأصوات وقال أبو طلحة: إني كنت أظن أن تدافعوها ولم أكن أظن أن تنافسوها، ثم صار الأمر بعد حضور طلحة إلى أن فوض ثلاثة منهم ما لهم في ذلك إلى ثلاثة، ففوض الزبير ما يستحقه من الامارة إلى على، وفوض سعد ماله في ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف، وترك طلحة حقه إلى عثمان ابن عفان ، فقال عبد الرحمن لعلى وعثمان: أيكما يبرأ من هذا الأمر فنفوض الأمر إليه والله عليه والإسلام ليولين أفضل الرجلين الباقيين فأسكت الشيخان على وعثمان، فقال عبد الرحمن:

إني أترك حقي من ذلك والله على والإسلام أن أجتهد فأولى أولاكما بالحق، فقالا نعم! ثم خاطب كل واحد منهما بما فيه من الفضل، وأخذ عليه العهد والميثاق لئن ولاه ليعدلن ولئن ولى عليه ليسمعن وليطيعن، فقال كل منهما نعم! ثم تفرقوا، ويروى أن أهل الشورى جعلوا الأمر إلى عبد الرحمن ليجتهد للمسلمين في أفضلهم ليوليه، فيذكر أنه سأل من يمكنه سؤاله من أهل الشورى وغيرهم فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>