للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشير إلا بعثمان بن عفان، حتى أنه قال لعلى: أرأيت إن لم أو لك بمن تشير به على؟ قال: [بعثمان.

وقال لعثمان: أرأيت إن لم أولك بمن تشير به؟] (١) قال: بعلي بن أبى طالب. والظاهر أن هذا كان قبل أن ينحصر الأمر في ثلاثة، وينخلع عبد الرحمن منها لينظر الأفضل والله عليه والإسلام ليجتهدن في أفضل الرجلين فيوليه. ثم نهض عبد الرحمن بن عوف يستشير الناس فيهما ويجمع رأى المسلمين برأي رءوس الناس وأقيادهم جميعا وأشتاتا، مثنى وفرادى، ومجتمعين، سرا وجهرا، حتى خلص إلى النساء المخدرات في حجابهن، وحتى سأل الولدان في المكاتب، وحتى سأل من يرد من الركبان والاعراب إلى المدينة، في مدة ثلاثة أيام بلياليها، فلم يجد اثنين يختلفين في تقدم عثمان بن عفان، إلا ما ينقل عن عمار والمقداد أنهما أشارا بعلي بن أبى طالب، ثم بايعا مع الناس على ما سنذكره، فسعى في ذلك عبد الرحمن ثلاثة أيام بلياليها لا يغتمض بكثير نوم إلا صلاة ودعاء واستخارة، وسؤالا من ذوى الرأى عنهم، فلم يجد أحدا يعدل بعثمان بن عفان ، فلما كانت الليلة يسفر صباحها عن اليوم الرابع من موت عمر بن الخطاب جاء إلى منزل ابن أخته المسور بن مخرمة فقال: أنائم يا مسور؟ والله لم أغتمض بكثير نوم منذ ثلاث، اذهب فادع إلى عليا وعثمان قال المسور: فقلت بأيهما أبدأ؟ فقال بأيهما شئت، قال فذهبت إلى على فقلت أجب خالي، فقال أمرك أن تدعو معى أحدا؟ قلت: نعم! قال: من؟ قلت: عثمان بن عفان، قال: بأينا بدأ؟ قلت لم يأمرني بذلك، بل قال أدعو لي أيهما شئت أولا، فجئت إليك قال فخرج معى فلما مررنا بدار عثمان بن عفان جلس على حتى دخلت فوجدته يوتر مع الفجر، فقال لي كما قال لي على سواء، ثم خرج فدخلت بهما على خالي وهو قائم يصلى، فلما انصرف أقبل على على وعثمان فقال إنما قد سألت الناس عنكما فلم أجد أحدا يعدل بكما أحدا، ثم أخذ العهد على كل منهما أيضا لئن ولاه ليعدلن، ولئن ولى عليه ليسمعن وليطيعن، ثم خرج بهما إلى المسجد وقد لبس عبد الرحمن العمامة التي عممه رسول الله ، وتقلد سيفا، وبعث إلى وجوه الناس من المهاجرين والأنصار، ونودي في الناس عامة الصلاة جامعة، فامتلأ المسجد حتى غص بالناس، وتراص الناس وتراصوا حتى لم يبق لعثمان موضع يجلس إلا في أخريات الناس - وكان رجلا حييا

ثم صعد عبد الرحمن بن عوف منبر رسول الله ، فوقف وقوفا طويلا، ودعا دعاء طويلا، لم يسمعه الناس ثم تكلم فقال: أيها الناس، إني سألتكم سرا وجهرا بأمانيكم فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إما على وإما عثمان، فقم إلى يا على، فقام إليه فوقف تحت المنبر فأخذ عبد الرحمن بيده فقال: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبى بكر وعمر؟ قال: اللهمّ لا ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي، قال


(١) زيادة من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>