ثلاثة أشياء ما رآها أحد قبلي، كنت معه في طريق مكة فمر بامرأة معها ابن لها به لمم ما رأيت لمما أشد منه، فقالت: يا رسول الله ابني هذا كما ترى، فقال إن شئت دعوت له، فدعا له، ثم مضى فمر على بعير نادّ جرانه يرغو، فقال: على بصاحب هذا البعير، فجيء به، فقال: هذا يقول: نتجت عندهم فاستعملونى حتى إذا كبرت عندهم أرادوا أن ينحرونى، قال: ثم مضى ورأى شجرتين متفرقتين فقال لي: اذهب فمرهما فليجتمعا لي، قال: فاجتمعتا فقضى حاجته، قال: ثم مضى فلما انصرف مر على الصبى وهو يلعب مع الغلمان وقد ذهب ما به وهيأت أمه أكبشا فأهدت له كبشين، وقالت: ما عاد إليه شيء من اللمم، فقال النبي ﷺ: ما من شيء إلا ويعلم أنى رسول الله، إلا كفرة أو فسقه الجن والانس * فهذه طرق جيدة متعددة تفيد غلبة الظن أو القطع عند المتبحرين أن يعلى بن مرة حدث بهذه القصة في الجملة، وقد تفرد بهذا كله الامام أحمد دون أصحاب الكتب الستة ولم يرو أحد منهم شيئا سوى ابن ماجة فإنه روى عن يعقوب بن حميد بن كاسب عن يحيى بن سليم عن خيثم عن يونس ابن خباب عن يعلى بن مرة أن رسول الله ﷺ كان إذا ذهب إلى الغائط أبعد. وقد اعتنى الحافظ أبو نعيم بحديث البعير في كتابه دلائل النبوة، وطرقه من وجوه كثيرة، ثم أورد حديث عبد الله بن قرط اليماني قال: جيء رسول الله ﷺ بست زود فجعلن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ، وقد قدمت الحديث في حجة الوداع. قلت: قد أسلفنا عن جابر بن عبد الله نحو قصة الشجرتين، وذكرنا آنفا عن غير واحد من الصحابة نحوا من حديث الجمل لكن بسياق يشبه أن يكون [غير] هذا فالله أعلم * وسيأتي حديث الصبى الّذي كان يصرع ودعاؤه ﵇ له وبرؤه في الحال من طرق أخرى
وقد روى الحافظ البيهقي عن أبى عبد الله الحاكم وغيره عن أبى العباس الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن إسماعيل بن عبد الملك عن أبى الزبير عن جابر قال: خرجت مع رسول الله ﷺ في سفر، وكان رسول الله ﷺ إذا أراد البراز تباعد حتى لا يراه أحد، فنزلنا منزلا بفلاة من الأرض ليس فيها علم ولا شجر، فقال لي: يا جابر خذ الإداوة وانطلق بنا، فملأت الإداوة ماء وانطلقنا فمشينا حتى لا نكاد نرى، فإذا شجرتان بينهما أذرع، فقال رسول الله ﷺ:
يا جابر انطلق فقل لهذه الشجرة: يقول لك رسول الله: الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما، ففعلت فرجعت فلحقت بصاحبتها، فجلس خلفهما حتى قضى حاجته، ثم رجعنا فركبنا رواحلنا فسرنا كأنما على رءوسنا الطير تظلنا، وإذا نحن بامرأة قد عرضت لرسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه، فوقف رسول الله ﷺ فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرحل فقال: اخسأ عدوّ الله، أنا رسول الله، وأعاد ذلك ثلاث مرات، ثم ناولها إياه، فلما رجعنا وكنا بذلك الماء مرضت لنا تلك المرأة ومعها كبشان تقودهما والصبى تحمله، فقالت: يا رسول