للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عز وجل لولدها بالخلاص من أيدي الفرنج، فذهبت المرأة فما كان إلا قليلا حتى جاءت الشيخ وَابْنُهَا مَعَهَا فَقَالَتِ: اسْمَعْ خَبَرَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ أَمْرُكَ؟ فَقَالَ. إِنِّي كُنْتُ فيمن نخدم الْمَلِكَ وَنَحْنُ فِي الْقُيُودِ، فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ أَمْشِي إِذْ سَقَطَ الْقَيْدُ مِنْ رِجْلِي، فأقبل على الموكل بى فشتمني وقال لم أزلت القيد من رجليك؟ فقلت: لا والله ما شعرت به ولكنه سقط ولم أشعر به، فجاءوا بالحداد فأعادوه وأجادوه وشدوا مسماره وأبدوه، ثُمَّ قُمْتُ فَسَقَطَ أَيْضًا فَأَعَادُوهُ وَأَكَّدُوهُ فَسَقَطَ أيضا، فسألوا رهبانهم عن سبب ذلك فقالوا: له والدة؟ فقلت: نعم، فقالوا: إنها قد دعت لك وقد اسْتُجِيبَ دُعَاؤُهَا أَطْلِقُوهُ، فَأَطْلَقُونِي وَخَفَرُونِي حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ. فَسَأَلَهُ بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ عَنِ السَّاعَةِ الَّتِي سَقَطَ فِيهَا الْقَيْدُ مِنْ رِجْلَيْهِ فَإِذَا هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي دَعَا فِيهَا الله له ففرج عنه.

صَاعِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْكَاتِبُ كَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الجوزي وَتَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي كَامِلِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ تِيهٌ وَحُمْقٌ، وَقَدْ يُمْكِنُ الجمع بين القولين والصفتين. ابن قتيبة وهو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدينَوَريّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الْعُلَمَاءِ وَالْأُدَبَاءِ وَالْحُفَّاظِ الْأَذْكِيَاءِ وقد تقدمت ترجمته، وكان ثقة نبيلا، وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَتَّهِمُونَ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَنْزِلِهِ شَيْءٌ مِنْ تَصَانِيفِهِ، وَكَانَ سَبَبَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ أَكَلَ لُقْمَةً مِنْ هَرِيسَةٍ فَإِذَا هِيَ حَارَّةٌ فَصَاحَ صَيْحَةً شَدِيدَةً ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ إِلَى وَقْتِ الظُّهْرِ ثُمَّ أَفَاقَ ثُمَّ لم يزل يشهد أن لا إله إلا الله إِلَى أَنْ مَاتَ وَقْتَ السَّحَرِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَالصَّحِيحُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أبو قلابة الرياشي، أحد الحفاظ، كان يُكَنَّى بِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَلَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ لَقَبُ أَبُو قِلَابَةَ، سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ وَرَوْحَ بْنَ عُبَادَةَ وَأَبَا دَاوُدَ الطَّيَالِسِيَّ وَغَيْرَهُمْ، وَعَنْهُ ابْنُ صَاعِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَكَانَ صَدُوقًا عَابِدًا يُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرْبَعَمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَرَوَى مِنْ حِفْظِهِ سِتِّينَ ألف حديث غلط في بعضها على سبيل العمد، كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً.

وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بن أبى العوام. ومحمد بن إسماعيل الصايغ. وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ. وَأَبُو الرَّدَّادِ الْمُؤَذِّنُ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عبيد الرَّدَّادِ الْمُؤَذِّنُ صَاحِبُ الْمِقْيَاسِ بِمِصْرَ، الَّذِي هُوَ مُسَلَّمٌ إِلَيْهِ وَإِلَى ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. قاله ابن خلكان والله أعلم.

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ

فِيهَا خطب يا زمان نَائِبُ طَرَسُوسَ لِخُمَارَوَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ هَادَاهُ بِذَهَبٍ كثير وتحف هائلة. وفيها قدم جماعة مِنْ أَصْحَابِ خُمَارَوَيْهِ إِلَى بَغْدَادَ. وَفِيهَا وَلِيَ الْمَظَالِمَ بِبَغْدَادَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ وَنُودِيَ فِي النَّاسِ: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ وَلَوْ عِنْدَ الأمير الناصر لدين الله الْمُوَفَّقِ، أَوْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَلْيَحْضُرْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>