للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت للذي جاءني بها من جهة الأمير: إن كان مراده خلاص ذمته فيما بينه وبين الله تعالى فهو أعلم بنيته في الّذي يقصده، ولا يسعى في تحصيل حق معين إذا ترتب على ذلك مفسدة راجحة على ذلك، فيؤخر الطلب إلى وقت إمكانه بطريقة، وإن كان مراده بهذا الاستفتاء أن يتقوى بها في جمع الدولة والأمراء عليه، فلا بد أن يكتب عليها كبار القضاة والمشايخ أولا، ثم بعد ذلك بقية المفتين بطريقة والله الموفق للصواب.

هذا وقد اجتمع على الأمير نائب السلطنة جميع أمراء الشام، حتى قيل إن فيهم من نواب السلطنة سبعة عشر أميرا، وكلهم يحضر معه المواكب الهائلة، وينزلون معه إلى دار السعادة، ويمد لهم الأسمطة ويأكل معهم، وجاء الخبر بأن الأمير منجك الطرجاقسى المقيم ببيت المقدس قد أظهر الموافقة لنائب السلطنة، فأرسل له جبريل ثم عاد فأخبر بالموافقة، وأنه قد استحوذ على غزة ونائبة، وقد جمع وحشد واستخدم طوائف، ومسك على الجادة فلا يدع أحدا يمر إلا أن يفتش ما معه، لاحتمال إيصال كتب من هاهنا إلى هاهنا، ومع هذا كله فالمعدلة ثابتة جدا، والأمن حاصل هناك، فلا يخاف أحد، وكذلك بدمشق وضواحيها، لا يهاج أحد ولا يتعدى أحد على أحد، ولا ينهب أحد لأحد شيئا ولله الحمد، غير أن بعض أهل البساتين توهموا وركبوا إلى المدينة وتحولوا، وأودع بعضهم نفائس ما عندهم، وأقاموا بها على وجل، ذلك لما رأوا المجانيق الستة منصوبة على رءوس قلال الأبراج التي للقلعة، ثم أحضر نائب السلطنة القضاة الأربعة والأمراء كلهم وكتبوا مكتوبا سطره بينهم كاتب السر، أنهم راضون بالسلطان كارهون ليلبغا، وأنهم لا يريدونه ولا يوافقون على تصرفه في المملكة، وشهد عليهم القضاة بذلك، وأرسلوا المكتوب مع مملوك للأمير طيبغا الطويل، نظير يلبغا بالديار المصرية، وأرسل منجك إلى نائب السلطنة يستحثه في الحضور إليه في الجيش ليناجزوا المصريين، فعين نائب الشام من الجيش طائفة يبرزون بين يديه، وخرجت التجريدة ليلة السبت التاسع والعشرين من شعبان صحبة استدمر الّذي كان نائب الشام مددا للأمير منجك في ألفين، ويذكر الناس أن نائب السلطنة بمن بقي من الجيش يذهبون على إثرهم، ثم خرجت أخرى بعدها ثلاثة آلاف، ليلة الثلاثاء الثامن من رمضان كما سيأتي.

وتوفى الشيخ الحافظ علاء الدين مغلطاى المصري بها في يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شعبان من هذه السنة، ودفن من الغد بالزيدانية، وقد كتب الكثير وصنف وجمع، وكانت عنده كتب كثيرة .

وفي مستهل رمضان أحضر جماعة من التجار إلى دار العدل ظاهر باب النصر ليباع شيء عليهم من القند والفولاذ والزجاج مما هو في حواصل يلبغا، فامتنعوا من ذلك خوفا من استعادته منهم على

<<  <  ج: ص:  >  >>