وعلى أمه مالا جزيلا فلم يقبلاه وارتحلا قاصدين بيت المقدس والله أعلم * وقال إسحاق بن بشر أنبأنا عثمان بن ساج وغيره عن موسى بن وردان عن أبى نضرة عن أبى سعيد وعن مكحول عن أبى هريرة قال إن عيسى بن مريم أول ما أطلق الله لسانه بعد الكلام الّذي تكلم به وهو طفل فمجد الله تمجيدا لم تسمع الآذان بمثله لم يدع شمسا ولا قمرا ولا جبلا ولا نهرا ولا عينا إلا ذكره في تمجيده فقال (اللهمّ أنت القريب في علوك المتعال في دنوك الرفيع على كل شيء من خلقك. أنت الّذي خلقت سبعا في الهواء بكلماتك مستويات طباقا اجبن وهن دخان من فرقك فأتين طائعات لأمرك فيهن ملائكتك يسبحون قدسك لتقديسك وجعلت فيهن نورا على سواد الظلام وضياء من ضوء الشمس بالنهار وجعلت فيهن الرعد المسبح بالحمد فبعزتك يجلو ضوء ظلمتك وجعلت فيهن مصابيح يهتدى بهن في الظلمات الحيران فتباركت اللهمّ في مفطور سماواتك وفيما دحوت من أرضك دحوتها على الماء فسمكتها على تيار الموج الغامر فاذللتها إذلال التظاهر فذل لطاعتك صعبها واستحيى لأمرك أمرها وخضعت لعزتك أمواجا ففجرت فيها بعد البحور الأنهار ومن بعد الأنهار الجداول الصغار ومن بعد الجداول ينابيع العيون الغزار. ثم أخرجت منها الأنهار والأشجار والثمار ثم جعلت على ظهرها الجبال فوتدتها أوتادا على ظهر الماء فأطاعت أطوادها وجلمودها فتباركت اللهمّ فمن يبلغ بنعته نعتك أمن يبلغ بصفته صفتك تنشر السحاب وتفك الرقاب وتقضى الحق وأنت خير الفاصلين لا إله إلا أنت سبحانك أمرت أن نستغفرك من كل ذنب لا إله إلا أنت سبحانك سترت السموات عن الناس لا إله إلا أنت سبحانك انما يغشاك من عبادك الأكياس نشهد أنك لست بإله استحدثناك ولا رب يبيد ذكره ولا كان معك شركاء فندعوهم ونذكرك ولا أعانك على خلقنا أحد فنشك فيك نشهد أنك أحد صمد ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ﴾ لك كفوا أحد وقال إسحاق بن بشر عن جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس إن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد أن كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد ذلك الحكمة والبيان فأكثر اليهود فيه وفي أمه من القول وكانوا يسمونه ابن البغية وذلك قوله تعالى ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً﴾ قال فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه في الكتاب فجعل لا يعلمه المعلم شيئا الا بدره اليه فعلمه أبا جاد فقال عيسى ما أبو جاد فقال المعلم لا أدرى فقال عيسى كيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم إذا فعلمني فقال له عيسى فقم من مجلسك فقام فجلس عيسى مجلسه فقال سلني فقال المعلم ما أبو جاد فقال عيسى (الالف آلاء الله. والباء بهاء الله والجيم بهجة الله وجماله) فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر أبا جاد.
ثم ذكر أن عثمان سأل رسول الله ﷺ عن ذلك فأجابه على كل كلمة بحديث طويل موضوع