فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ أَشْعَارِهِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ
فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ كَامِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: -
اغْنَ عَنِ المخلوق بالخالق ... تسد على الْكَاذِبِ وَالصَّادِقِ
وَاسْتَرْزِقِ الرَّحْمَنَ مِنْ فَضْلِهِ ... فَلَيْسَ غَيْرَ اللَّهِ مِنْ رَازِقٍ
مَنْ ظَنَّ أَنَّ النَّاسَ يُغْنُونَهُ ... فَلَيْسَ بِالرَّحْمَنِ بِالْوَاثِقِ
أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَالَ مِنْ كَسْبِهِ ... زَلَّتْ بِهِ النَّعْلَانِ مِنْ حَالِقٍ
وَعَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ: -
كُلَّمَا زِيدَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالًا ... زِيدَ فِي هَمِّهِ وَفِي الِاشْتِغَالِ
قَدْ عَرَفْنَاكِ يا منغصة العيش ... ويا دار كل فان وبالي
ليس يصفو لزاهد طلب الزهد ... إِذَا كَانَ مُثْقَلًا بِالْعِيَالِ
وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ زَارَ مَقَابِرَ الشُّهَدَاءِ بِالْبَقِيعِ فَقَالَ: -
نَادَيْتُ سُكَّانَ الْقُبُورِ فَأَسْكَتُوا ... وأجابني عن صمتهم ترب الحصا
قالت أتدري ما فعلت بساكنى ... مزقت لحمهم وَخَرَّقْتُ الْكُسَا
وَحَشَوْتُ أَعْيُنَهُمْ تُرَابًا بَعْدَ مَا ... كَانَتْ تَأَذَّى بِالْيَسِيرِ مِنَ الْقَذَى
أَمَّا الْعِظَامُ فاننى مزقتها ... حتى تباينت المفاصل والشوا
قطعت ذا زاد من هذا كذا ... فتركتها رمما يطوف بها البلا
وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ لَلْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا: -
لَئِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا تُعَدُّ نَفِيسَةً ... فَدَارُ ثَوَابِ اللَّهِ أَعَلَى وَأَنْبَلُ
وَإِنْ كَانَتِ الْأَبْدَانُ لَلْمَوْتِ أنشئت ... فقتل امرئ بالسيف في الله أَفْضَلُ
وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْزَاقُ شَيْئًا مُقَدَّرًا ... فَقِلَّةُ سعى المرء في الرزق أجمل
وإن كانت الأموال للترك جمعها ... فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الْمَرْءُ يَبْخَلُ
وَمِمَّا أَنْشَدَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ شِعْرِهِ فِي امْرَأَتِهِ الرَّبَابِ بِنْتِ أُنَيْفٍ، وَيُقَالُ بِنْتُ امْرِئِ القيس ابن عَدِيِّ بْنِ أَوْسٍ الْكَلْبِيِّ أُمِّ ابْنَتِهِ سُكَيْنَةَ.
لَعَمْرُكَ إِنَّنِي لَأُحِبُّ دَارًا ... تَحُلُّ بِهَا سُكَيْنَةُ والرباب