سجونه وكانوا ثمانمائة رجل واستعمل عليهم وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي ورجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا فقال له وهرز أنصفت وخرج اليه مسروق ابن أبرهة ملك اليمن وجمع اليه جنده فأرسل اليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم، فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم. قال: وهرز أرونى ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء. قال: نعم. قالوا ذلك ملكهم فقال اتركوه قال فوقفوا طويلا ثم قال علام هو؟ قالوا قد تحول على الفرس. قال اتركوه فتركوه طويلا ثم قال علام هو؟ قالوا على البغلة قال وهرز: بنت الحمار ذل وذل ملكه، إني سأرميه فان رأيتم أصحابه لم يتحركوا فأثبتوا حتى أوذنكم فانى قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد استداروا به ولاثوا فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم. ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه وتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه، ونكس عن دابته واستدارت الحبشة ولاثت به، وحملت عليهم الفرس فانهزموا فقتلوا وهربوا في كل وجه، وأقبل وهرز ليدخل صنعاء حتى إذا أتى بابها قال لا تدخل رايتي منكسة أبدا اهدموا هذا الباب فهدم، ثم دخلها ناصبا رايته فقال سيف بن ذي يزن الحميري:
يظن الناس بالملكين … أنهما قد التأما
ومن يسمع بلأمهما … فان الخطب قد فقما
قتلنا القيل مسروقا … وروينا الكثيب دما
وإن القيل قيل الناس … وهرز مقسم قسما
يذوق مشعشعا حتى … نفيء السبي والنعما
ووفدت العرب من الحجاز وغيرها على سيف يهنئونه بعود الملك اليه وامتدحوه. فكان من جملة من وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم، فبشره سيف برسول الله ﷺ وأخبره بما يعلم من أمره وسيأتي ذلك مفصلا في باب البشارات به ﵊.
قال ابن إسحاق: وقال أبو الصلت بن أبى ربيعة الثقفي قال ابن هشام ويروى لامية بن أبى الصلت:
ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن … ريّم في البحر للأعداء أحوالا
يمم قيصرا لما حان رحلته … فلم يجد عنده بعض الّذي سالا
ثم انثنى نحو كسرى بعد عاشرة … من السنين يهين النفس والمالا
حتى أتى ببني الأحرار يحملهم … إنك عمري لقد أسرعت قلقالا