عام حجة الوداع. وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال: توفى رسول الله ﷺ وأنا مختون، وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم. وقال شعبة وهشام وابن عوانة عن أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال: توفى رسول الله ﷺ وأنا ابن عشر سنين مختون. زاد هشام: وقد جمعت المحكم على عهد رسول الله ﷺ. قلت: وما المحكم؟ قال: المفصل. وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبى إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قبض رسول الله ﷺ وأنا ابن خمس عشرة سنة مختون، وهذا هو الأصح ويؤيده صحة ما ثبت في الصحيحين، ورواه مالك عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله ﷺ يصلى بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف، فلم ينكر على ذلك أحد. وثبت عنه في الصحيح أنه قال: كنت أنا وأمى من المستضعفين، كانت أمى من النساء وكنت أنا من الولدان، وهاجر مع أبيه قبل الفتح، فاتفق لقياهما النبي ﷺ بالجحفة، وهو ذاهب لفتح مكة، فشهد الفتح وحنينا والطائف عام ثمان، وقيل كان في سنة تسع وحجة الوداع سنة عشر، وصحب النبي ﷺ حينئذ ولزمه، وأخذ عنه وحفظ وضبط الأقوال والأفعال والأحوال، وأخذ عن الصحابة علما عظيما مع الفهم الثاقب، والبلاغة والفصاحة والجمال والملاحة، والاصالة والبيان، ودعا له رسول الرحمن ﷺ، كما وردت به الأحاديث الثابتة الأركان، أن رسول الله ﷺ«دعا له بأن يعلمه التأويل، وأن يفقهه في الدين».
وقال الزبير ابن بكار: حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني عن داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه قال: إن عمر كان يدعو عبد الله بن عباس فيقربه ويقول: إني رأيت رسول الله ﷺ دعاك يوما فمسح رأسك وتفل في فيك وقال: «اللهمّ فقهه في الدين، وعلمه التأويل». وبه أن رسول الله ﷺ قال:«اللهمّ بارك فيه وانشر منه».
وقال حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال: بت في بيت خالتي ميمونة فوضعت للنّبيّ ﷺ غسلا، فقال:
«من وضع هذا؟ قالوا: عبد الله بن عباس، فقال: اللهمّ علمه التأويل، وفقهه في الدين». وقد رواه غير واحد عن ابن خيثم بنحوه.
وقال الامام أحمد: حدثنا عبد الله بن بكر بن أبى صفرة أبو يونس عن عمرو بن دينار أن كريبا أخبره أن ابن عباس قال: أتيت رسول الله ﷺ من آخر الليل فصليت خلفه فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه، فلما أقبل رسول الله ﷺ على صلاته خنست فصلى رسول الله ﷺ فلما انصرف من صلاته قال:«ما شأنى أجعلك في حذائى فتخنس»؟ فقلت: يا رسول الله أو ينبغي لأحد أن يصلى في حذائك وأنت رسول الله الّذي أعطاك الله ﷿؟ قال: فأعجبته فدعا الله لي أن يزيدني