للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبغضاء لم يوثق منه بالنصيحة، ومن عرف بالفجور والخديعة لم يؤمن إليه في المحنة، ومن انتحل فوق قدره جحد قدره، ولا تستحسن فيك ما تستقبح في غيرك. هذه الآثار رواها الطبراني عنه من طرق.

وروى داود بن عمرو عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان بن خيثم. قال: قدم علينا وهب مكة فطفق لا يشرب ولا يتوضأ إلا من زمزم، فقيل له: مالك في الماء العذب؟ فقال:

ما أنا بالذي أشرب وأتوضأ إلا من زمزم حتى أخرج منها، إنكم لا تدرون ما ماء زمزم، والّذي نفسي بيده إنها لفي كتاب الله طعام طعم، وشفاء سقم، ولا يعمد أحد إليها يتضلع منها ريا، ابتغاء بركتها، إلا نزعت منه داء وأحدثت له شفاء. وقال: النظر في زمزم عبادة. وقال: النظر فيها يحط الخطايا حطا. وقال وهب: مسخ بخت نصّر أسدا فكان ملك السباع، ثم مسخ نسرا فكان ملك الطيور، ثم مسخ ثورا فكان ملك الدواب، وهو في كل ذلك يعقل عقل الإنسان، وكان ملكه قائما يدبر، ثم رد الله عليه روحه إلى حالة الإنسان، فدعا إلى توحيد الله وقال: كل إله باطل إلا إله السماء. فقيل له: أمات مؤمنا؟ فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: آمن قبل أن يموت، وقال بعضهم: قتل الأنبياء، وحرق الكتب، وحرق بيت المقدس، فلم يقبل منه التوبة. هكذا رواه الطبراني عن محمد بن أحمد بن الفرج عن عباس بن يزيد عن عبد الرزاق عن بكار بن عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يقول، فذكره.

وقال وهب: كان رجل بمصر فسألهم ثلاثة أيام أن يطعموه فلم يطعموه، فمات في اليوم الرابع فكفنوه ودفنوه، فأصبحوا فوجدوا الكفن في محرابهم مكتوب عليه: قتلتموه حيا وبررتموه ميتا؟

قال يحيى: فأنا رأيت القرية التي مات فيها ذلك الرجل، وما بها أحد إلا وله بيت ضيافة، لا غنى ولا فقير هكذا رواه يحيى بن عبد الباقي عن على بن الحسن عن عبد الله بن أخى وهب، قال: حدثني عمى وهب بن منبه فذكره. قال: وأهل القرية يعترفون بذلك، فمن ثم اتخذوا بيوتا للضيفان والفقراء خوفا من ذلك. وقال عبد الرزاق عن بكار عن وهب. قال: إذا دخلت الهدية من الباب خرج الحق من الكوة. وقال إبراهيم بن الجنيد: حدثنا إبراهيم بن سعيد عن عبد المنعم بن إدريس عن عبد الصمد عن وهب بن منبه قال: مر نبي من الأنبياء على عابد في كهف جبل، فمال إليه فسلم عليه وقال له: يا عبد الله منذ كم أنت هاهنا؟ قال: منذ ثلاثمائة سنة. قال: من أين معيشتك؟ قال:

من ورق الشجر، قال: فمن أين شرابك؟ قال: من ماء العيون، قال: فأين تكون في الشتاء؟

قال: تحت هذا الجبل، قال: فكيف صبرك على العبادة؟ قال: وكيف لا أصبر وإنما هو يومى إلى الليل، وأما أمس فقد مضى بما فيه، وأما غد فلم يأت بعد. قال: فعجب النبي من قوله: إنما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>