للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سله الله على الكفار والمنافقين، ولما توجه خالد من ذي القصة وفارقه الصديق، واعده أنه سيلقاه من ناحية خيبر بمن معه من الأمراء - وأظهروا ذلك ليرعبوا الأعراب - وأمره أن يذهب أولا الى طليحة الأسدي، ثم يذهب بعده إلى بنى تميم، وكان طليحة بن خويلد في قومه بنى أسد، وفي غطفان، وانضم إليهم بنو عبس وذبيان، وبعث إلى بنى جديلة والغوث وطيِّئ يستدعيهم إليه، فبعثوا أقواما منهم بين أيديهم، ليلحقوهم على أثرهم سريعا، وكان الصديق قد بعث عدي بن حاتم قبل خالد بن الوليد، وقال له: أدرك قومك لا يلحقوا بطليحة فيكون دمارهم، فذهب عدي إلى قومه بنى طيِّئ فأمرهم أن يبايعوا الصديق، وأن يراجعوا أمر الله، فقالوا: لا نبايع أبا الفضل أبدا - يعنون أبا بكر فقال: والله ليأتينكم جيش فلا يزالون يقاتلونكم حتى تعلموا أنه أبو الفحل الأكبر، ولم يزل عدي يفتل لهم في الذروة والغارب حتى لانوا، وجاء خالد في الجنود وعلى مقدمة الأنصار الذين معه ثابت بن قيس بن شماس، وبعث بين يديه ثابت بن أقرم، وعكاشة بن محصن طليعة، فتلقاهما طليحة وأخوه سلمة فيمن معهما، فلما وجدا ثابتا وعكاشة تبارزوا فقتل عكاشة جبال بن طليحة، وقيل: بل كان قتل جبالا قبل ذلك وأخذ ما معه، وحمل عليه طليحة فقتله وقتل هو وأخوه سلمة، ثابت بن أقرم، وجاء خالد بمن معه فوجدوهما صريعين، فشق ذلك على المسلمين وقد قال طليحة في ذلك:

عشية غادرت ابن أقرم ثاويا … وعكاشة العمى تحت مجال

أقمت له صدر الحمالة إنها … معودة قبل الكماة نزال

فيوم تراها في الجلال مصونة … ويوم تراها في ظلال عوالي

وإن يك أولاد أصبن ونسوة … فلم يذهبوا فرغا بقتل حبال

ومال خالد إلى بنى طيئ، فخرج اليه عدي بن حاتم فقال: أنظرني ثلاثة أيام، فأنهم قد استنظرونى حتى يبعثوا إلى من تعجل منهم إلى طليحة حتى يرجعوا اليهم، فأنهم يخشون إن تابعوك أن يقتل طليحة من سار إليه منهم، وهذا أحب إليك من أن يعجلهم الى النار، فلما كان بعد ثلاث جاءه عدي في خمسمائة مقاتل ممن راجع الحق، فانضافوا إلى جيش خالد وقصد خالد بنى جديلة فقال له: يا خالد، أجلنى أياما حتى آتيهم فلعل الله أن ينقذهم كما أنقذ طيِّئا، فأتاهم عدي فلم يزل بهم حتى تابعوه، فجاء خالدا بإسلامهم، ولحق بالمسلمين منهم ألف راكب، فكان عدي خير مولود وأعظمه بركة على قومه، ، قالوا: ثم سار خالد حتى نزل بأجأ وسلمى، وعبى جيشه هنالك والتقى مع طليحة الأسدي بمكان يقال له: بزاخة، ووقفت أحياء كثيرة من الأعراب ينظرون على من تكون الدائرة، وجاء طليحة فيمن معه من قومه ومن التف معهم وانضاف إليهم، وقد حضر

<<  <  ج: ص:  >  >>