خَرَجَ مَعَ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى حُنَيْنٍ وَهَمْ عَلَى دِينِهِمْ بَعْدُ، قَالَ وَنَحْنُ نُرِيدُ إن كانت دائرة على محمد أن نغير عَلَيْهِ فَلَمْ يُمْكِنَّا ذَلِكَ، فَلَمَّا صَارَ بِالْجِعْرَانَةِ فو الله إِنِّي لِعَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ إِنْ شَعَرْتُ إِلَّا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «أنضير؟» قلت لبيك، قال «هل لك الى خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ مِمَّا حَالَ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟» قَالَ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ سَرِيعًا فَقَالَ «قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تُبْصِرَ مَا كنت فيه توضع» قلت قد أدرى أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ لَقَدْ أغنى شيئا، وإني أشده أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهمّ زِدْهُ ثَبَاتًا» قَالَ النُّضَيْرُ: فو الّذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَكَأَنَّ قَلْبِي حَجَرٌ ثَبَاتًا فِي الدِّينِ، وَتَبْصِرَةً بِالْحَقِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْحَمْدُ للَّه الَّذِي هَدَاهُ»
عمرة الجعرانة فِي ذِي الْقِعْدَةِ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا بَهْزٌ وَعَبْدُ الصَّمَدِ الْمَعْنَى قَالَا: ثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا قَتَادَةُ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قُلْتُ كَمْ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: حِجَّةً وَاحِدَةً، وَاعْتَمَرَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. عُمْرَتُهُ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَتُهُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَعُمْرَتُهُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٍ، وَعُمْرَتُهُ مَعَ حِجَّتِهِ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا أَبُو النَّضْرِ ثَنَا دَاوُدُ- يَعْنِي الْعَطَّارَ- عَنْ عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ، وَالثَّالِثَةُ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَالرَّابِعَةُ الَّتِي مَعَ حِجَّتِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ داود ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ الْمَكِّيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار به. وحسنه والترمذي. وقال الامام أحمد ثنا يحيى ابن زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أرطاة عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ- قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عُمَرٍ، كُلُّ ذَلِكَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ يُلَبِّي حَتَّى يَسْتَلِمَ الجحر. غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهَذِهِ الثَّلَاثُ عُمَرٍ اللَّاتِي وَقَعْنَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مَا عَدَا عُمْرَتَهُ مَعَ حِجَّتِهِ فَإِنَّهَا وَقَعَتْ فِي ذِي الْحِجَّةِ مَعَ الْحِجَّةِ وَإِنْ أَرَادَ ابْتِدَاءَ الْإِحْرَامِ بِهِنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَلَعَلَّهُ لَمْ يُرِدْ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ لَأَنَّهُ صُدَّ عَنْهَا وَلَمْ يَفْعَلْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ نَافِعٌ وَمَوْلَاهُ ابْنُ عُمَرَ يُنْكِرَانِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ فِيمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَفِيَ بِهِ، قَالَ وَأَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ فَوَضَعَهُمَا فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ، قَالَ فَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبْيِ حُنَيْنٍ فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ انْظُرْ مَا هَذَا؟ قَالَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّبْيِ، قَالَ اذْهَبْ فَأَرْسِلِ الْجَارِيَتَيْنِ. قَالَ نَافِعٌ وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الْجِعْرَانَةِ وَلَوِ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute