للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرتدا الى مكة وقال في ذلك:

شفى النفس ان قد بات بالقاع مسندا … يضرج ثوبيه دماء الاخادع

وكانت هموم النفس من قبل قتله … تلم فتحمينى وطاء المضاجع

حللت به وتري وأدركت ثؤرتى … وكنت الى الأوثان أول راجع

ثأرت به فهرا وحملت عقله … سراة بنى النجار أرباب فارع

قلت: ولهذا كان مقيس هذا من الأربعة الذين أهدر رسول الله يوم الفتح دماءهم وان وجدوا معلقين بأستار الكعبة.

قال ابن إسحاق فبينا الناس على ذلك الماء وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بنى غفار يقال له جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهنيّ حليف بنى عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهنيّ: يا معشر الأنصار وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين فغضب عبد الله بن أبىّ بن سلول وعنده رهط من قومه فيهم زيد ابن أرقم غلام حدث فقال أوقد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما أعدّنا وجلابيب قريش هذه الا كما قال الأول «سمن كلبك يأكلك» أما والله ﴿لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾. ثم أقبل على من حضره من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا الى غير داركم. فسمع ذلك زيد ابن أرقم فمشى به الى رسول الله فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال من مر به عباد ابن بشر فليقتله. فقال رسول الله : فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه لا ولكن آذن بالرحيل. وذلك في ساعة لم يكن رسول الله يرتحل فيها فارتحل الناس وقد مشى عبد الله بن أبىّ بن سلول الى رسول الله حين بلغه أن زيد بن أرقم بلّغه ما سمع منه فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلمت به وكان في قومه شريفا عظيما فقال من حضر رسول الله من الأنصار من أصحابه يا رسول الله عسى ان يكون الغلام أو هم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل حدبا على ابن أبىّ ودفعا عنه. فلما استقل رسول الله وسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلّم عليه وقال: يا رسول الله والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها. فقال له رسول الله : أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟ قال أي صاحب يا رسول الله؟ قال عبد الله بن أبىّ.

قال وما قال قال زعم أنه ان رجع الى المدينة أخرج الأعز منها الأذل قال فأنت والله يا رسول الله تخرجه ان شئت هو والله الذليل وأنت العزيز ثم قال يا رسول الله ارفق فو الله لقد جاءنا الله بك وان قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه فإنه ليرى انك قد استلبته ملكا. ثم مشى رسول الله بالناس يومهم ذلك حتى أمسى وليلتهم حتى أصبح وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>