يلبثوا ان وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما. وانما فعل ذلك ليشغل الناس عن الحديث الّذي كان بالأمس من حديث عبد الله بن أبىّ ثم راح رسول الله ﷺ بالناس وسلك الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النقيع يقال له بقعاء فلما راح رسول الله ﷺ هبت على الناس ريح شديدة فآذتهم وتخوفوها فقال رسول الله ﷺ: لا تخوفوها فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار. فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بنى قينقاع وكان عظيما من عظماء اليهود وكهفا للمنافقين مات ذلك اليوم. وهكذا ذكر موسى بن عقبة والواقدي. وروى مسلم من طريق الأعمش عن أبى سفيان عن جابر نحو هذه القصة الا أنه لم يسم الّذي مات من المنافقين قال هبت ريح شديدة والنبي ﷺ في بعض أسفاره فقال هذه لموت منافق فلما قدمنا المدينة إذا هو قد مات عظيم من عظماء المنافقين.
قال ابن إسحاق ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين في ابن أبىّ ومن كان على مثل أمره فأخذ رسول الله ﷺ بأذن زيد بن أرقم وقال هذا الّذي أو في لله باذنه. قلت وقد تكلمنا على تفسيرها بتمامها في كتابنا التفسير بما فيه كفاية عن إعادته هاهنا وسردنا طرق هذا الحديث عن زيد بن أرقم ولله الحمد والمنة، فمن أراد الوقوف عليه أو أحب أن يكتبه هاهنا فليطلبه من هناك وبالله التوفيق.
قال ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عبد الله بن عبد الله بن أبىّ بن سلول أتى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله انه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبىّ فيما بلغك عنه فان كنت فاعلا فمر لي به فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبرّ بوالده منى وانى أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن انظر الى قاتل عبد الله بن أبىّ يمشى في الناس فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار. فقال رسول الله ﷺ بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا. وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه فقال رسول الله ﷺ لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من شأنهم كيف ترى يا عمر أما والله لو قتلته يوم قلت لي لارعدت له أنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته. فقال عمر قد والله علمت لأمر رسول الله ﷺ أعظم بركة من أمرى.
وقد ذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما ان ابنه عبد الله ﵁ وقف لأبيه عبد الله بن أبىّ بن سلول عند مضيق المدينة فقال قف فو الله لا تدخلها حتى يأذن رسول الله ﷺ في ذلك فلما جاء رسول الله ﷺ استأذنه في ذلك فأذن له فأرسله حتى دخل المدينة. قال ابن إسحاق وأصيب يومئذ من بنى المصطلق ناس وقتل على بن أبى طالب منهم رجلين مالكا وابنه. قال ابن هشام وكان شعار المسلمين: يا منصور أمت أمت قال ابن إسحاق وكان رسول الله ﷺ أصاب منهم سبيا كثيرا فقسمهم في المسلمين