قال: أنشد بالله من شهد رسول الله قال: من يوسع لنا بهذا البيت في المسجد بنيت له بيتا في الجنة» فابتعته من مالي فوسعت به المسجد. فانتشد له رجال. ثم قال: أنشد بالله من شهد رسول الله يوم جيش العسرة قال: «من ينفق اليوم نفقة متقبلة»؟ فجهزت نصف الجيش من مالي، فانتشد له رجال. ثم قال: أنشد بالله من شهد رومة يباع ماؤها ابن السبيل فابتعتها من مالي فأبحتها ابن السبيل قال: فانتشد له رجال. ورواه النسائي عن عمران بن بكار عن حطاب بن عثمان عن عيسى بن يونس بن أبى إسحاق عن أبيه عن جده أبى إسحاق السبيعي به.
وقد ذكر ابن جرير أن عثمان ﵁ لما رأى ما فعل هؤلاء الخوارج من أهل الأمصار، من محاصرته في داره، ومنعه الخروج إلى المسجد، كتب إلى معاوية بالشام، وإلى ابن عامر بالبصرة وإلى أهل الكوفة، يستنجدهم في بعث جيش يطردون هؤلاء من المدينة، فبعث معاوية مسلمة بن ابن حبيب، وانتدب يزيد بن أسد القشيري في جيش، وبعث أهل الكوفة جيشا، وأهل البصرة جيشا، فلما سمع أولئك بخروج الجيوش إليهم صمموا في الحصار، فما اقترب الجيوش إلى المدينة حتى جاءهم قتل عثمان ﵁ كما سنذكره. وذكر ابن جرير أن عثمان استدعى الأشتر النخعي ووضعت لعثمان وسادة في كوة من داره، فأشرف على الناس، فقال له عثمان: يا أشتر ماذا يريدون؟ فقال: إنهم يريدون منك إما أن تعزل نفسك عن الإمرة، وإما أن تفتدى من نفسك من قد ضربته، أو جلدته، أو حبسته، وإما أن يقتلوك. وفي رواية أنهم طلبوا منه أن يعزل نوابه عن الأمصار ويولى عليها من يريدون هم، وإن لم يعزل نفسه أن يسلم لهم مروان بن الحكم فيعاقبوه كما زوّر على عثمان كتابه إلى مصر، فخشي عثمان إن سلمه إليهم أن يقتلوه، فيكون سببا في قتل امرئ مسلم وما فعل من الأمر ما يستحق بسببه القتل، واعتذر عن الاقتصاص مما قالوا بأنه رجل ضعيف البدن كبير السن. وأما ما سألوه من خلعه نفسه فإنه لا يفعل ولا ينزع قميصا قمصه الله إياه، ويترك أمة محمد يعدو بعضها على بعض ويولى السفهاء من الناس من يختاروه هم فيقع الهرج ويفسد الأمر كما ظنه فسدت الأمة ووقع الهرج، وقال لهم فيما قال، وأي شيء إلى من الأمر إن كنت كلما كرهتم أميرا عزلته، وكلما رضيتم عنه وليته؟ وقال لهم فيما قال: والله لئن قتلتموني لا تتحابوا بعدي، ولا تصلوا جميعا أبدا، ولا تقاتلوا بعدي عدوا جميعا أبدا، وقد صدق ﵁ فيما قال.
وقال الامام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن أبى قيس حدثني النعمان بن بشير قال: كتب معى عثمان إلى عائشة كتابا فدفعت إليها كتابه فحدثتني أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول لعثمان: «إن الله لعله يقمصك قميصا. فان أرادك أحد على خلعه فلا تخلعه، ثلاث مرات» قال النعمان: فقلت يا أم المؤمنين! فأين كنت عن هذا الحديث؟ فقالت: يا بنى والله أنسيته. وقد رواه الترمذي من حديث الليث عن معاوية بن صالح