فكسرته وحددته فاندلق لي فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت حتى فمت مقام رسول الله ﷺ أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يسارى، ثم لحقت فقلت: قد فعلت يا رسول الله، قال فقلت: فلم ذاك؟ قال: إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفع ذلك عنهما ما دام الغصنان رطبين، قال: فأتينا العسكر فقال رسول الله ﷺ: يا جابر ناد الوضوء، فقلت:
ألا وضوء ألا وضوء ألا وضوء؟ قال: قلت يا رسول الله ما وجدت في الركب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يبرّد لرسول الله في أشجاب له على حمارة من جريد قال: فقال لي: انطلق إلى فلان الأنصاري فانظر هل ترى في أشجابه من شيء؟ قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة في غر لا شجب منها (١) لو أنى أفرغته لشربه يابسه فأتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله لم أجد فيها إلا قطرة في غر لا شجب منها (١) لو أنى أفرغته لشربه يابسه قال: اذهب فأتنى به، فأتيته فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدرى ما هو، وغمزني بيده ثم أعطانيه فقال: يا جابر ناد بجفنة، فقلت: يا جفنة الركب، فأتيت بها تحمل وضعتها بين يديه، فقال رسول الله بيده في الجفنة هكذا فبسطها وفرق بين أصابعه ثم وضعها في قعر الجفنة وقال: خذ يا جابر فصب عليّ وقل: بسم الله، فصببت عليه وقلت:
بسم الله، فرأيت الماء يفور من بين أصابع رسول الله ﷺ، ثم فأرت الجفنة ودارت حتى امتلأت فقال: يا جابر ناد من كانت له حاجة بماء، قال فأتى الناس فاستقوا حتى رووا، فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول الله ﷺ يده من الجفنة وهي ملأى. قال: وشكى الناس إلى رسول الله ﷺ الجوع، فقال: عسى الله أن يطعمكم، فأتينا سيف البحر فزجر زجرة فألقى دابة فأورينا على شقها النار فطبخنا واشتوينا وأكلنا وشبعنا، قال جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان وفلان حتى عدّ خمسة في محاجر عينها ما يرانا أحد، حتى خرجنا وأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه ثم دعونا بأعظم جمل في الركب وأعظم حمل في الركب وأعظم كفل في الركب فدخل تحتها ما يطأطئ رأسه * وقال البخاري:
ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا عبد العزيز بن مسلم، ثنا حصين عن سالم بن أبى الجعد عن جابر بن عبد الله قال: عطش الناس يوم الحديبيّة والنبي ﷺ بين يديه ركوة يتوضأ فجهش الناس نحوه قال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة * وهكذا رواه مسلم من حديث حصين وأخرجاه من حديث الأعمش * زاد مسلم وشعبة ثلاثتهم عن جابر بن سالم بن جابر، وفي رواية الأعمش كنا أربع عشرة مائة *
وقال الامام أحمد: حدثنا يحيى [بن حماد] ثنا أبو عوانة عن الأسود بن قيس عن شقيق