للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق عن صالح بن كيسان: إن أبا بكر كتب إلى خالد أن يسير إلى العراق فمضى خالد يريد العراق حتى نزل بقريات من السواد يقال لها بانقيا وباروسما، وصاحبها جابان، فصالحه أهلها. قلت: وقد قتل منهم المسلمون قبل الصلح خلقا كثيرا. وكان الصلح على ألف درهم، وقيل دينار، في رجب، وكان الّذي صالحه بصبهرى بن صلوبا، ويقال صلوبا بن بصبهرى، فقبل منهم خالد وكتب لهم كتابا، ثم أقبل حتى نزل الحيرة فخرج إليه أشرافها مع قبيصة بن إياس بن حيّة الطائي وكان أمره عليها كسرى بعد النعمان بن المنذر فقال لهم خالد: أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام فأن أجبتم إليه فأنتم من المسلمين لكم ما لهم وعليكم ما عليهم، فأن أبيتم فالجزية فأن أبيتم فقد أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة، جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم. فقال له قبيصة: ما لنا بحر بك من حاجة بل نقيم على ديننا ونعطيكم الجزية. فقال لهم خالد: تبا لكم إن الكفر فلاة مضلة، فأحمق العرب من سلكها، فلقيه رجلان أحدهما عربي والآخر أعجمى فتركه (١) واستدل بالعجمي، ثم صالحهم على تسعين ألفا، وفي رواية مائتي ألف درهم، فكانت أول جزية أخذت من العراق وحملت إلى المدينة هي والقريات قبلها التي صالح عليها ابن صلوبا. قلت: وقد كان مع نائب كسرى على الحيرة ممن وفد إلى خالد عمرو بن عبد المسيح بن حبان بن بقيلة (٢)، وكان من نصارى العرب، فقال له خالد:

من أين أثرك؟ قال: من ظهر أبى، قال: ومن أين خرجت؟ قال: من بطن أمى، قال: ويحك على أي شيء أنت؟ قال: على الأرض، قال: ويحك وفي أي شيء أنت؟ قال: في ثيابي، قال: ويحك على اى شيء أنت؟ قال: على الأرض، قال: ويحك وفي أي شيء أنت؟ قال: في ثيابي، قال: ويحك تعقل؟ قال: نعم وأقيد، قال: إنما أسألك، قال: وأنا أجيبك، قال: أسلم أنت أم حرب؟ قال:

بل سلّم، قال: فما هذه الحصون التي أرى؟ قال: بنيناها للسفيه نحبسه حتى يجيء الحليم فينهاه، ثم دعاهم إلى الإسلام أو الجزية أو القتال، فأجابوا إلى الجزية بتسعين أو مائتي ألف كما تقدم * ثم بعث خالد ابن الوليد كتابا إلى أمراء كسرى بالمدائن ومرازبته ووزرائه، كما قال هشام بن الكلبي عن أبى مخنف عن مجالد عن الشعبي قال: أقرأنى بنو بقيلة كتاب خالد بن الوليد إلى أهل المدائن: من خالد ابن الوليد إلى مرازبة أهل فارس، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فالحمد لله الّذي فضّ خدمكم وسلب ملككم ووهّن كيدكم، وان من صلّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم الّذي له ما لنا وعليه ما علينا، أما بعد فإذا جاءكم كتابي فابعثوا إلى بالرّهن واعتقدوا منى الذمة، وإلا فو الّذي لا إله غيره لأبعثن إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة. فلما قرءوا الكتاب أخذوا يتعجبون. وقال سيف بن عمر عن طليحة الأعلم عن المغيرة بن عيينة - وكان قاضى أهل الكوفة - قال: فرق خالد مخرجه من اليمامة إلى العراق جنده ثلاث فرق، ولم يحملهم على طريق


(١) كذا بالأصل.
(٢) في تاريخ الطبري: عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>