فقال: لا أعين على قتل نفسي، فضربه فقتله. وكان قد أوصى أن يدفن في قيوده، ففعل به ذلك، وقيل: بل صلوا عليه وغسلوه.
وروى أن الحسن بن على. قال: أصلوا عليه ودفنوه في قيوده؟ قالوا: نعم! قال: حجهم والله. والظاهر أن الحسين قائل هذا، فان حجرا قتل في سنة إحدى وخمسين، وقيل سنة ثلاث وخمسين، وعلى كل تقدير فالحسن قد مات قبله والله أعلم. فقتلوه ﵀ وسامحه.
وروينا أن معاوية لما دخل على أم المؤمنين عائشة فسلم عليها من وراء الحجاب - وذلك بعد مقتله حجرا وأصحابه - قالت له: أين ذهب عنك حلمك يا معاوية حين قتلت حجرا وأصحابه؟ فقال لها:
فقدته حين غاب عنى من قومي مثلك يا أماه. ثم قال لها: فكيف بري بك يا أمه؟ فقالت: إنك بى لبار، فقال: يكفيني هذا عند الله، وغدا لي ولحجر موقف بين يدي الله ﷿. وفي رواية أنه قال: إنما قتله الذين شهدوا عليه. وروى ابن جرير أن معاوية جعل يغرغر بالموت وهو يقول: إن يومى بك يا حجر بن عدي لطويل، قالها ثلاثا فالله أعلم.
وقال محمد بن سعد في الطبقات: ذكر بعض أهل العلم أن حجرا وفد إلى رسول الله ﷺ مع أخيه هانئ بن عدي، - وكان من أصحاب على - فلما قدم زياد بن أبى سفيان واليا على الكوفة دعا بحجر بن عدي فقال: تعلم أنى أعرفك وقد كنت أنا وأباك على أمر قد علمت - يعنى من حب على - وأنه قد جاء غير ذلك، وإني أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فأستفرغه كله، أملك عليك لسانك، وليسعك منزلك، وهذا سريري فهو مجلسك، وحوائجك مقضية لدى، فاكفني نفسك فانى أعرف عجلتك، فأنشدك الله في نفسك، وإياك وهذه السقطة وهؤلاء السفهاء أن يستنزلوك عن رأيك. فقال حجر: قد فهمت، ثم انصرف إلى منزله فأتاه الشيعة فقالوا: ما قال لك؟ قال قال لي كذا وكذا. وسار زياد إلى البصرة ثم جعلوا يترددون إليه يقولون له: أنت شيخنا، وإذا جاء المسجد مشوا معه، فأرسل إليه عمرو بن حريث - نائب زياد على الكوفة - يقول: ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير ما قد علمت؟ فقال للرسول: إنهم ينكرون ما أنتم عليه، إليك وراءك أوسع لك. فكتب عمرو بن حريث إلى زياد: إن كان لك حاجة بالكوفة فالعجل العجل، فأعجل زياد السير إلى الكوفة، فلما وصل بعث إليه عدي بن حاتم، وجرير بن عبد الله البجلي، وخالد بن عرفطة في جماعة من أشراف الكوفة لينهوه عن هذه الجماعة، فأتوه فجعلوا يحدثونه ولا يرد عليهم شيئا، بل جعل يقول: يا غلام أعلفت البكر؟ لبكر مربوط في الدار - فقال له عدي بن حاتم: أمجنون أنت؟ نكلمك وأنت تقول: أعلفت البكر، ثم قال عدي لأصحابه: ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى. ثم نهضوا فأخبروا زيادا ببعض الخبر وكتموه بعضا، وحسنوا أمره وسألوه الرّفق به فلم يقبل، بل بعث إليه الشرط والمحاربة فأتى به وبأصحابه، فقال له: مالك ويلك؟ قال: