نفسا سوى الغرباء، وجملة الدور التي خربها والحوانيت التي أتلفها نحو من ستمائة دار وحانوت، وجملة البساتين التي جرف أشجارها عشرون بستانا، ومن الطواحين ثمانية سوى الجامع والأمينية وأما الأماكن التي دخلها وأتلف ما فيها ولم تخرب فكثير جدا.
وفي هذه السنة زاد النيل زيادة عظيمة لم يسمع بمثلها من مدد، وغرق بلادا كثيرة، وهلك فيها ناس كثير أيضا، وغرق منية السيرج فهلك للناس فيها شيء كثير، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾.
وفي مستهل ربيع الآخر منها أغار جيش حلب على مدينة آمد فنهبوا وسبوا وعادوا سالمين. وفي يوم السبت تاسع وعشرين منه قدم قاضى المالكية إلى الشام من مصر وهو الامام العلامة فخر الدين أبو العباس أحمد بن سلامة بن أحمد بن أحمد بن سلامة الإسكندري المالكي، على قضاء دمشق عوضا عن قاضى القضاة جمال الدين الزواوى لضعفه واشتداد مرضه، فالتقاه القضاة والأعيان، وقرئ تقليده بالجامع ثانى يوم وصوله، وهو مؤرخ بثاني عشر الشهر، وقدم نائبة الفقيه نور الدين السخاوي درس بالجامع في جمادى الأولى، وحضر عنده الأعيان، وشكرت فضائله وعلومه ونزاهته وصرامته وديانته، وبعد ذلك بتسعة أيام توفى الزواوى المعزول، وقد باشر القضاء بدمشق ثلاثين سنة. وفيها أفرج عن الأمير سيف الدين بهادر آص من سجن الكرك وحمل إلى القاهرة وأكرمه السلطان، وكان سجنه بها مطاوعة لإشارة نائب الشام بسبب ما كان وقع بينهما بملطية. وخرج المحمل في يوم الخميس تاسع شوال، وأمير الحج سيف الدين كجكنى المنصوري. وممن حج قاضى القضاة نجم الدين ابن صصريّ وابن أخيه شرف الدين وكمال الدين بن الشيرازي والقاضي جلال الدين الحنفي والشيخ شرف الدين بن تيمية وخلق. وفي سادس هذا الشهر درس بالجاروضية القاضي جلال الدين محمد بن الشيخ كمال الدين الشريشنى بعد وفاة الشيخ شرف الدين بن أبى سلام، وحضر عنده الأعيان.
وفي التاسع عشر منه درس ابن الزملكانى بالعذراوية عوضا عن ابن سلام، وفيه درس الشيخ شرف الدين بن تيمية بالحنبلية عن إذن أخيه له بذلك بعد وفاة أخيهما لأمهما بدر الدين قاسم بن محمد ابن خالد، ثم سافر الشيخ شرف الدين إلى الحج، وحضر الشيخ تقى الدين الدرس بنفسه، وحضر عنده خلق كثير من الأعيان وغيرهم حتى عاد أخوه، وبعد عوده أيضا، وجاءت الأخبار بأنه قد أبطلت الخمور والفواحش كلها من بلاد السواحل وطرابلس وغيرها، ووضعت مكوس كثيرة عن الناس هنالك، وبنيت بقرى النصيرية في كل قرية مسجد ولله الحمد والمنة.
وفي بكرة نهار الثلاثاء الثامن والعشرين من شوال وصل الشيخ الامام العلامة شيخ الكتاب شهاب الدين محمود بن سليمان الحلبي على البريد من مصر إلى دمشق متوليا كتابة السر بها، عوضا عن شرف الدين عبد الوهاب بن فضل الله توفى إلى رحمة الله. وفي ذي القعدة يوم الأحد درس