أحبهما وأبذل جل مالي … وليس للائمى فيها عتاب
ولست لهم وإن عتبوا مطيعا … حياتي أو يعلينى التراب
وقد أسلم أبوها على يدي عمر بن الخطاب وأمره عمر على قومه، فلما خرج من عنده خطب إليه على بن أبى طالب أن يزوج ابنه الحسن أو الحسين من بناته، فزوج الحسن ابنته سلمى، والحسين ابنته الرباب، وزوج عليا ابنته الثالثة، وهي المحياة بنت امرئ القيس في ساعة واحدة، فأحب الحسين زوجته الرباب حبا شديدا وكان بها معجبا يقول فيها الشعر، ولما قتل بكربلاء كانت معه فوجدت عليه وجدا شديدا، وذكر أنها أقامت على قبره سنة ثم انصرفت وهي تقول:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما … ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
وقد خطبها بعده خلق كثير من أشراف قريش فقالت: ما كنت لأتخذ حموا بعد رسول الله ﷺ، ووالله لا يؤوينى ورجلا بعد الحسين سقف أبدا. ولم تزل عليه كمدة حتى ماتت، ويقال إنها إنما عاشت بعده أياما يسيرة فالله أعلم، وابنتها سكينة بنت الحسين كانت من أجمل النساء حتى إنه لم يكن في زمانها أحسن منها فالله أعلم.
وروى أبو مخنف عن عبد الرحمن بن جندب أن ابن زياد بعد مقتل الحسين تفقد أشراف أهل الكوفة فلم ير عبيد الله بن الحر بن يزيد، فتطلبه حتى جاءه بعد أيام فقال: أين كنت يا ابن الحر؟ قال: كنت مريضا، قال. مريض القلب أم مريض البدن؟ قال: أما قلبي فلم يمرض، وأما بدني فقد منّ الله عليه بالعافية، فقال له ابن زياد: كذبت، ولكنك كنت مع عدونا، قال: لو كنت مع عدوك لم يخف مكان مثلي، ولكان الناس شاهدوا ذلك، قال: وعقل عن ابن زياد عقلة فخرج ابن الحر فقعد على فرسه. ثم قال: أبلغوه أنى لا آتيه والله طائعا فقال ابن زياد: أين ابن الحر؟ قال:
خرج، فقال على به، فخرج الشرط في طلبه فأسمعهم غليظ ما يكرهون، وترضى عن الحسين وأخيه وأبيه ثم أسمعهم في ابن زياد غليظا من القول ثم امتنع منهم وقال في الحسين وفي أصحابه شعرا: -
يقول أمير غادر حق غادر … ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة
فيا ندمي أن لا أكون نصرته … لذو حسرة ما إن تفارق لازمه
سقى الله أرواح الذين تبارزوا … على نصره سقيا من الغيث دائمة
وقفت على أجداثهم وقبورهم … فكان الحشى ينقض والعين ساجمه
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى … سراعا إلى الهيجا حماة حضارمه
تأسوا على نصر بن بنت نبيهم … بأسيافهم أسّاد غيل ضراغمه
فان يقتلوا تلك النفوس التقية … على الأرض قد أضحت لذلك واجمه