للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل إلى حلب بعد نائبها الأمير سيف الدين ارقطيه الّذي كان عين لنيابة دمشق بعد موت أرغون شاه، وخرج الناس لتلقيه فما هو إلا أن برز منزلة واحدة من حلب فمات بتلك المنزلة، فلما صار قطلب شاه إلى حلب لم يقم بها إلا يسيرا حتى مات، ولم ينتفع بتلك الأموال التي جمعها لا في دنياه ولا في أخراه.

ولما كان يوم الخميس الحادي عشر من جمادى الآخرة دخل الأمير سيف الدين أيتمش الناصري من الديار المصرية إلى دمشق نائبا عليها، وبين يديه الجيش على العادة، فقبل العتبة ولبس الحياصة والسيف، وأعطى تقليده ومنشورة هنالك، ثم وقف في الموكب على عادة النواب، ورجع إلى دار السعادة وحكم، وفرح الناس به، وهو حسن الشكل تام الخلقة، وكان الشام بلا نائب مستقل قريبا من شهرين ونصف. وفي يوم دخوله حبس أربعة أمراء من الطبلخانات، وهم القاسمي وأولاد آل أبو بكر اعتقلهم في القلعة لممالأتهم ألجى بغا المظفري، على أرغون شاه نائب الشام.

وفي يوم الاثنين خامس عشر جمادى الآخرة حكم القاضي نجم الدين بن القاضي عماد الدين الطرسوسي الحنفي، وذلك بتوقيع سلطاني وخلعة من الديار المصرية. وفي يوم الثلاثاء سادس عشر جمادى الآخرة حصل الصلح بين قاضى القضاة تقى الدين السبكى وبين الشيخ شمس الدين ابن قيم الجوزية، على يدي الأمير سيف الدين بن فضل ملك العرب، في بستان قاضى القضاة، وكان قد نقم عليه إكثاره من الفتيا بمسألة الطلاق.

وفي يوم الجمعة السادس والعشرين منه نقلت جثة الأمير سيف الدين أرغون شاه من مقابر الصوفية إلى تربته التي أنشأها تحت الطارمة، وشرع في تكميل التربة والمسجد الّذي قبلها، وذلك أنه عاجلته المنية على يد ألجى بغا المظفري قبل إتمامهما، وحين قتلوه ذبحا ودفنوه ليلا في مقابر الصوفية، قريبا من قبر الشيخ تقى الدين ابن الصلاح، ثم حول إلى تربته في الليلة المذكورة، وفي يوم السبت تاسع عشر رجب أذن المؤذنون للفجر قبل الوقت بقريب من ساعة، فصلى الناس في الجامع الأموي على عادتهم في ترتيب الأئمة، ثم رأوا الوقت باقيا فأعاد الخطيب الفجر بعد صلاة الأئمة كلهم، وأقيمت الصلاة ثانيا، وهذا شيء لم يتفق مثله.

وفي يوم الخميس ثامن شهر شعبان توفى قاضى القضاة علاء الدين بن منجا الحنبلي بالمسمارية، وصلى عليه الظهر بالجامع الأموي، ثم بظاهر باب النصر، ودفن بسفح قاسيون .

وفي يوم الاثنين رمضان بكرة النهار استدعى الشيخ جمال الدين المرداوي من الصالحية إلى دار السعادة، وكان تقليد القضاء لمذهبه قد وصل إليه قبل ذلك بأيام، فأحضرت الخلعة بين يدي النائب والقضاة الباقين، وأريد على لبسها وقبول الولاية فامتنع، فألحوا عليه فصمم وبالغ في الامتناع

<<  <  ج: ص:  >  >>