للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخضر يستخلص أمواله وحواصله، ويجمعها عنده، فأنكر عليه الأمراء الكبار، وأمروه أن يحمل الأموال إلى قلعة السلطان فلم يقبل منهم، فاتهموه في أمره، وشكوا في الكتاب على يده من الأمر بمسكه وقتله، وركبوا ملبسين تحت القلعة وأبواب الميادين، وركب هو في أصحابه وهم في دون المائة، وقائل يقول هم ما بين السبعين إلى الثمانين والتسعين، جعلوا يحملون على الجيش حمل المستقتلين، إنما يدافعهم مدافعة المتبرءين، وليس معهم مرسوم بقتلهم ولا قتالهم، فلهذا ولى أكثرهم منهزمين، فخرج جماعة من الجيش حتى بعض الأمراء المقدمين، وهو الأمير الكبير سيف الدين ألجى بغا العادلى، فقطعت يده اليمنى، وقد قارب التسعين، وقتل آخرون من أجناد الحلقة والمستخدمين، ثم انفصل الحال على أن أخذ ألجى بغا المظفري من خيول أرغون شاه المرتبطة في اسطبله ما أراد، ثم انصرف من ناحية المزة صاغرا على عقبيه، ومعه الأموال التي جمعها من حواصل أرغون شاه، واستمر ذاهبا، ولم يتبعه أحد من الجيش، وصحبته الأمير فخر الدين إياس، الّذي كان حاجبا، وناب في حلب في العام الماضي، فذهبا بمن معهما إلى طرابلس، وكتب أمراء الشام إلى السلطان يعلمونه بما وقع، فجاء البريد بأنه ليس عند السلطان علم بما وقع بالكلية، وأن الكتاب الّذي جاء على يديه مفتعل، وجاء الأمر لأربعة آلاف من الجيش الشامي أن يسيروا وراءه ليمسكوه ثم أضيف نائب صغد مقدما على الجميع، فخرجوا في العشر الأول من ربيع الآخر. وفي يوم الأربعاء سادس ربيع الآخر خرجت العساكر في طلب سيف الدين ألجى بغا العادلى في المعركة وهو أحد أمراء الألوف المقدمين، ولما كانت ليلة الخميس سابعه نودي بالبلد على من يقربها من الأجناد أن لا يتأخر أحد عن الخروج بالغد، فأصبحوا في سرعة عظيمة واستنيب في البلد نيابة عن النائب الراتب الأمير بدر الدين الخطير، فحكم بدار السعادة على عادة النواب. وفي ليلة السبت بين العشاءين سادس عشره دخل الجيش الذين خرجوا في طلب ألجى بغا المظفري، وهو معهم أسير ذليل حقير، وكذلك الفخر إياس الحاجب مأسور معهم، فأودعا في القلعة مهانين من جسر باب النصر الّذي تجاه دار السعادة، وذلك بحضور الأمير بدر الدين الخطير نائب الغيبة، ففرح الناس بذلك فرحا شديدا، ولله الحمد والمنة فلما كان يوم الاثنين الثامن عشر منه خرجا من القلعة إلى سوق الخيل فوسطا بحضرة الجيش، وعلقت جثتهما على الخشب ليراهما الناس، فمكثا أياما ثم أنزلا فدفنا بمقابر المسلمين.

وفي أوائل شهر جمادى الآخرة جاء الخبر بموت نائب حلب سيف الدين قطلب شاه ففرح كثير من الناس بموته وذلك لسوء أعماله في مدينة حماة في زمن الطاعون، وذكر أنه كان يحتاط على التركة وإن كان فيها ولد ذكر أو غيره، ويأخذ من أموال الناس جهرة، حتى حصل له منها شيء كثير، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>