في كل وجه يطلبونا حتى إذا يئسوا رجعوا اليه فاكتنفوه وهو يقضى قال فقلنا: كيف لنا بأن نعلم بأن عدو الله قد مات؟ قال فقال رجل منا: أنا أذهب فأنظر لكم. فانطلق حتى دخل في الناس قال:
فوجدتها - يعنى امرأته - ورجال يهود حوله وفي يدها المصباح تنظر في وجهه وتحدثهم وتقول: أما والله قد سمعت صوت ابن عتيك ثم أكذبت نفسي وقلت: أنى ابن عتيك بهذه البلاد. ثم أقبلت عليه تنظر في وجهه فقالت: فاظ وإله يهود، فما سمعت كلمة كانت ألذّ على نفسي منها. قال: ثم جاءنا فأخبرنا فاحتملنا صاحبنا
وقدمنا على رسول الله ﷺ فأخبرناه بقتل عدوّ الله واختلفنا عنده في قتله كلنا يدّعيه. قال فقال: هاتوا أسيافكم. فجئنا بها فنظر اليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس:
هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام. قال ابن إسحاق: فقال حسان بن ثابت في ذلك:
لله در عصابة لاقيتهم … يا ابن الحقيق وأنت يا ابن الأشرف
يسرون بالبيض الخفاف إليكم … مرحا كاسد في عرين مغرف
حتى أتوكم في محل بلادكم … فسقوكم حتفا ببيض ذفّف
مستبصرين لنصر دين نبيهم … مستصغرين لكل أمر مجحف
هكذا أورد هذه القصة الامام محمد بن إسحاق ﵀. وقد قال الامام أبو عبد الله البخاري حدّثنا إسحاق بن نصر حدّثنا يحيى بن آدم حدّثنا ابن أبى زائدة عن أبيه عن أبى إسحاق عن البراء بن عازب قال: بعث النبي ﷺ رهطا الى أبى رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا وهو نائم فقتله. قال البخاري: حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا عبد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبى إسحاق عن البراء قال: بعث رسول الله ﷺ الى أبى رافع اليهودي رجالا من الأنصار وأمرّ عليهم عبد الله بن عتيك وكان أبو رافع يؤذى رسول الله ﷺ ويعين عليه وكان في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال عبد الله:
اجلسوا مكانكم فانى منطلق متلطف للبواب لعلى أن أدخل، فأقبل حتى دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضى حاجته وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فانى أريد أن أغلق الباب. فدخلت فكمنت فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الأغاليق على ودّ قال: فقمت الى الأقاليد وأخذتها وفتحت الباب وكان أبو رافع يسمر عنده وكان في علالي له فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت اليه فجعلت كلما فتحت بابا أغلقت عليّ من داخل فقلت ان القوم سدروا لي لم يخلصوا الىّ حتى أقتله. فانتهيت اليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدرى أين هو من البيت قلت أبا رافع. قال من هذا. فأهويت نحو الصوت فأضربه بالسيف ضربة وأنا دهش فما أغنيت شيئا وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت اليه فقلت ما هذا الصوت