للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت رسول الله والله يا محمد ما كنت أفرق من الرجال فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي وضعفت ثم اطلعت على ما هممت به فما سبقت به الركبان ولم يطلع عليه أحد فعرفت أنك ممنوع وأنك على حق وأن حزب أبى سفيان حزب الشيطان. فجعل النبي يتبسم وأقام أياما ثم استأذن النبي فخرج من عنده ولم يسمع له بذكر وقال رسول الله لعمرو بن أمية الضمريّ ولسلمة ابن أسلم بن حريش أخرجا حتى تأتيا أبا سفيان بن حرب فان أصبتما منه غرة فاقتلاه. قال عمرو فخرجت أنا وصاحبي حتى أتينا بطن يأجج فقيدنا بعيرنا وقال لي صاحبي: يا عمرو هل لك في أن نأتي مكة فنطوف بالبيت سبعا ونصلي ركعتين فقلت [أنا أعلم بأهل مكة منك انهم إذا أظلموا رشّوا أفنيتهم ثم جلسوا بها و (١)] انى أعرف بمكة من الفرس الأبلق. فأبى عليّ فانطلقنا فأتينا مكة فطفنا أسبوعا وصلينا ركعتين فلما خرجت لقيني معاوية بن أبى سفيان فعرفني وقال:

عمرو بن أمية وا حزناه. فنذر بنا أهل مكة فقالوا ما جاء عمرو في خير. وكان عمرو فاتكا في الجاهلية. فحشد أهل مكة وتجمعوا وهرب عمرو وسلمة وخرجوا في طلبهما واشتدوا في الجبل.

قال عمرو فدخلت في غار فتغيبت عنهم حتى أصبحت وباتوا يطلبوننا في الجبل وعمى الله عليهم طريق المدينة أن يهتدوا له فلما كان ضحوة الغد أقبل عثمان بن مالك بن عبيد الله التيمي يختلى لفرسه حشيشا فقلت لسلمة بن أسلم إذا أبصرنا أشعر بنا أهل مكة وقد انفضوا عنا فلم يزل يدنو من باب الغار حتى أشرف علينا، قال فخرجت اليه فطعنته طعنته تحت الثدي بخنجري فسقط وصاح فاجتمع أهل مكة فأقبلوا بعد تفرقهم [ورجعت الى مكاني فدخلت فيه] وقلت لصاحبي لا تتحرك، فأقبلوا حتى أتوه وقالوا من قتلك؟ قال عمرو بن أمية الضمريّ. فقال أبو سفيان قد علمنا أنه لم يأت لخير. ولم يستطع أن يخبرهم بمكاننا فإنه كان بآخر رمق فمات وشغلوا عن طلبنا بصاحبهم فحملوه فمكثنا ليلتين في مكاننا حتى [سكن عنا الطلب ثم] خرجنا [الى التنعيم] فقال صاحبي يا عمرو بن أمية هل لك في خبيب بن عدي ننزله؟ فقلت له: أين هو؟ قال هو ذاك مصلوب حوله الحرس. فقلت أمهلنى وتنح عنى فان خشيت شيئا فانح الى بعيرك فاقعد عليه فأت رسول الله فأخبره الخبر ودعني فانى عالم بالمدينة. ثم استدرت عليه حتى وجدته فحملته على ظهري فما مشيت به إلا عشرين ذراعا حتى استيقظوا فخرجوا في أثرى فطرحت الخشبة فما أنسى وجيبها يعنى صوتها ثم أهلت عليه التراب برجلي فأخذت طريق الصفراء فأعيوا ورجعوا وكنت لا أدرى مع بقاء نفسي فانطلق صاحبي الى البعير فركبه وأتى النبي فأخبره وأقبلت حتى أشرفت على الغليل غليل ضجنان فدخلت في غار معي قوسى وأسهمي وخنجرى فبينما أنا فيه إذ أقبل رجل من بنى الديل بن بكر أعور طويل يسوق غنما ومعزى فدخل الغار وقال: من الرجل؟ فقلت رجل من


(١) هذه الزيادة وما بعدها من الطبري ٣٢:٣

<<  <  ج: ص:  >  >>